مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٠٩
وكيل وأراد أن لا يخصم فليعزل نفسه، وإن لم يعلم ذلك فينبغي أن يقول: لا أعلم أني وكيل، ولا يقول: لست بوكيل، فيكون مكذبا لبينة قد تقوم عليه بالوكالة. (وإذا ثبت) عند حاكم (مال على غائب) وحكم به عليه (وله مال) حاضر وطلبه المدعى (قضاء الحاكم منه) لأنه حق وجب عليه وتعذر وفاؤه من جهة من عليه فقام الحاكم مقامه كما لو كان حاضرا فامتنع.
تنبيه: قضية كلامه أنه يقضيه ولا يطالب بكفيل، وهو الأصح، لأن الأصل عدم الدفع. (وإلا) بأن لم يكن الغائب مال حاضر، (فإن سأل المدعي إنهاء الحال) من سماع بينة أو شاهد ويمين بعد ثبوت عدالة الشاهد أو سأل إنهاء حكم (إلى قاضي بلد الغائب أجابه) لذلك إن علم مكان الغائب مسارعة إلى قضاء الحقوق، (فينهي) إليه (سماع بينة ليحكم بها ثم يستوفي المال) ويكتب في صفة إنهائها: سمعت بينة عادلة قامت عندي بأن لفلان على فلان كذا فأحكم بها. وهو مشروط ببعد المسافة كما سيأتي. (و) ينهي إليه (حكما) إن حكم (ليستوفي) المال، ويكتب في إنهاء الحكم: قامت عندي بينة عادلة على فلان لفلان بكذا وحكمت له به فاستوفى حقه، ولان الحاجة قد تدعو لذلك، فإن من له بينة في بلد وخصمه في بلد آخر لا يمكنه حملها إلى بلد الخصم ولا حمل الخصم إلى بلد البينة فيضيع الحق، ولا يشترط في هذه الحالة بعد المسافة كما سيأتي.
تنبيه: اعلم أن لانهاء الحال إلى قاضي بلد الغائب ثلاث درجات، الأولى: سماع البينة. والثانية: قول الحاكم ثبت عندي، وهي تستلزم الأولى بخلاف العكس. والثالثة: الحكم بالحق، وهو أرفع الدرجات وتستلزم ما قبلها، وحينئذ فالذي يرتب عليه المكتوب إليه الحكم هو الثانية لا الأولى. قال ابن شهبة: فإذا تعبير المصنف ليس بمحرر. وقوله: إلى قاضي بلد الغائب يوهم أنه لا بد أن يكون المكتوب إليه معينا، وليس مرادا، بل يجوز أن يكتب إلى من يصل إليه من قضاة المسلمين، فمن بلغه عمل به. ولو كتب لمعين فشهد الشاهدان عند غيره قبل شهادتهما وأمضاه اعتمادا على الشهادة. وقول المصنف: سماع بينة ليحكم بها يوهم أنه لو سمع البينة ولم يعد لهم وفوض تعديلها إلى المكتوب إليه لا يجوز، وليس مرادا، ويوهم أنه لو ثبت الحق عنده بعلمه وكتب ليقضي له بموجب علمه على المدعى عليه أنه لا يجوز، وبه صرح في العدة فقال: لا يجوز وإن جوزنا القضاء بالعلم، لأنه ما لم يحكم به هو كالشاهد، والشهادة لا تتأدى بالكتابة. وفي أمالي السرخسي جوازه. ويقضي به المكتوب إليه إذا جوزنا القضاء بالعلم، لأن إخباره عن علمه إخبار عن قيام الحجة، فليكن كإخباره عن قيام البينة. قال الأسنوي: وبما قاله في العدة جزم به صاحب البحر وجرى عليه ابن المقري، وقال البلقيني:
الأصح المعتمد ما قاله السرخسي اه‍. وهذا هو مقتضى كلام أصل الروضة، ولهذا قال شيخنا: ما قاله المصنف - يعني ابن المقري - عكس ما اقتضاه كلام أصله ولعله سبق قلم. (والانهاء أن يشهد عدلين بذلك) أي بسماع البينة خاصة، أو بالحكم باستيفاء الحق يؤديانه عند القاضي الآخر. ولو لم يشهدهما ولكن أنشأ الحكم بحضورهما فلهما أن يشهدا عليه وإن لم يشهدهما كما يعلم مما يأتي. (ويستحب) مع الاشهاد (كتاب به) ولا يجب، لأن الاعتماد على الشهادة، وفائدة الكتاب ليذكر الشاهد الحال لأنه قد ينساه. (يذكر فيه ما يتميز به المحكوم عليه) والمحكوم له من اسم كل منهما وكنيته وقبيلته وحليته وغير ذلك ليسهل التمييز، ويذكر أسماء شهور الكتاب وتاريخه.
تنبيه: كان الأولى أن يقول: ما يتميز به الغائب بدل المحكوم عليه ليتناول الثبوت المجرد عن الحكم. (ويختمه) أي الكتاب ندبا حفظا للكتابة وإكراما للمكتوب إليه، وختم الكتاب سنة متبعة كما قاله ابن بطال شارح البخاري، روى البخاري: أنه (ص) كان يرسل كتبه غير مختومة، فامتنع بعضهم من قبولها إلا مختومة، فاتخذ خاتما ونقش عليه محمد رسول الله. وإنما كانوا لا يقرؤون كتابا غير مختوم خوفا على كشف أسرارهم وإضاعة تدبيرهم. ويكون
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548