مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٧٨
وجده ميتا حرم في الأظهر) لما مر، والثاني يحل حملا على أن موته بالجرح، وصححه البغوي. وقال في الروضة: إنه أصح دليلا، وفي المجموع: أنه الصحيح أو الصواب، وثبت فيه أحاديث صحيحة دون التحريم، والأول هو ما عليه الجمهور. قال البلقيني: وهو المذهب المعتمد، ففي سنن أبي داود وغيره بطرق حسنة، وفي حديث عدى بن حاتم قال: قلت يا رسول الله إنا أهل صيد وإن أحدنا يرمي الصيد فيغيب عنه الليلتين والثلاث فيجده ميتا؟ فقال: إذا وجدت فيه أثر سهمك ولم يكن أثر سبع وعلمت أن سهمك قتله فكل فهذا مقيد لبقية الروايات ودال على التحريم في محل النزاع اه‍. أي وهو ما إذا لم يعلم: أي لم يظن أن سهمه قتله، فتحرر من ذلك أن المعتمد في المتن، وجرى عليه في مختصره.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم يكن أنهاه بالجرح إلى حركة مذبوح وإلا فيحل جزما، وما لم يجد فيه غير جرحه، فإن وجد به أثر صدمة أو جراحة أخرى حرم جزما.
تتمة: لمسألة المتن نظائره منها ما إذا مشط المحرم رأسه فسقط منه شعر وشك هل انتتف بالمشط أو كان منتتفا؟ والأصح أنه لا فدية كما مر في بابه، ومنها إذا قد ملفوفا ومر ما فيه، ومنها إذا بالت ظبية في ماء ثم ظهر تغيره، والمذهب المنصوص نجاسته إحالة على السبب الظاهر كما مر في محله، وهذا يقوي الوجه الثاني، ومنها إذا جرح المحرم صيدا ثم غاب عنه ثم وجده ميتا، ولم يدر هل مات بسبب جراحته أو بسبب آخر، والأصح فيها وجوب الأرش لا كمال الجزاء، إذ الشك فيه أوجب عدم وجوبه، وهذا يقوي الوجه الأول، وهو نظير المسألة.
فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه (يملك) الصائد (الصيد) غير الحرمي ممتنعا كان أم لا، إن لم يكن به أثر ملك كخضب، وقص جناح، وقرط وصائده غير محرم وغير مرتد (بضبطه بيده) وإن لم يقصد تملكه، حتى لو أخذ صيدا لينظر إليه ملكه، لأنه مباح فيملك بوضع اليد عليه كسائر المباحات. نعم إن قصد أخذه لغيره نيابة عنه بإذنه ملكه ذلك الغير على الأصح، وإن كان به أثر ملك من ذلك لم يملكه بل هو ضالة أو لقطة. وأما الصيد الحرمي والصائد المحرم فقد سبق حكمهما في محرمات الاحرام. وأما المرتد فسبق في الردة أن ملكه موقوف إن عاد إلى الاسلام تبين أنه ملكه من وقت الاخذ، وإلا فهو باق على إباحته (و) يملك الصيد أيضا (بجرح مذفف) أي مسرع للهلاك (وبإزمان وكسر جناح) بحيث يعجز عن الطيران والعدو جميعا إن كان مما يمتنع بهما، وإلا فبإبطال واحد منهما وإن لم يضع يده عليه، وقص الجناح ككسره، ويكفي للتملك إبطال شدة العدو وجعله بحيث يسهل إلحاقه وأخذه، ولو طرده فوقف إعياء أو جرحه فوقف عطشا لعدم الماء لم يملكه حتى يأخذه لأن وقوفه في الأول استراحة وهي معينة له على امتناعه من غيره. وفي الثاني لعدم الماء بخلاف ما لو جرحه فوقف عطشا لعجزه عن وصول الماء فإنه يملكه لأن سببه الجراحة (و) يملك أيضا (بوقوعه في شبكة) من الشبك، وهو الخيط (نصبها) للصيد فيملكه، وإن لم يضع يده عليه سواء أكان حاضرا أم غائبا طرده إليها طارد أم لا، وسواء أكانت الشبكة مباحة أم مغصوبة لأنه يعد بذلك مستوليا عليه، فإن قيل لو غصب عبدا وأمره بالصيد كان الصيد لمالك العبد بخلافه هنا. أجيب بأن للعبد يدا فإذا استولى عليه دخل في ملك سيده قهرا. واحترز بقوله: نصبها عما لو وقعت الشبكة من يده بلا قصد وتعلق بها صيد فإنه لا يملكه على الأصح.
تنبيه: كان ينبغي أن يقول: نصبها له كالمحرر أو للصيد كما قدرته في كلامه فإن مجرد نصبها لا يكفي حتى يقصد نصبها للصيد، وإنما يملكه إذا لم يقدر على الخلاص منها فإن قطعها الصيد فانفلت منها صار مباحا يملكه من صاده لأن الأول لم نثبته شبكته. وإن قطعها غيره فانفلت فهو باق على ملك صاحبها فلا يملكه غيره كما صححه في المجموع. ولو
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548