مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٨٣
بالنحر وهو سنة لكم رواه الترمذي، وفي رواية الدارقطني: كتب علي النحر وليس بواجب عليكم. قال في العدة: وهي سنة على الكفاية إن تعدد أهل البيت، فإذا فعلها واحد من أهل البيت كفى عن الجميع، وإلا فسنة عين ولا تجب بأصل الشرع لما مر، ولما روى البيهقي وغيره بإسناد حسن أن أبا بكر وعمر كانا لا يضحيان مخافة أن ترى الناس ذلك واجبا ولان الأصل عدم الوجوب، والمخاطب بها المسلم الحر البالغ العاقل المستطيع، وكذا المبعض إذا ملك مالا ببعضه الحر، قاله في الكفاية. قال الزركشي: ولا بد أن تكون فاضلة عن حاجته وحاجة من يمونه على ما سبق في صدقة التطوع، لأنها نوع صدقة اه‍. وظاهر هذا أنه يكفي أن تكون فاضلة عما يحتاجه في يومه وليلته وكسوة فصله كما مر في صدقة التطوع، وينبغي أن تكون فاضلة عن يوم العيد وأيام التشريق فإنه وقتها، كما أن يوم العيد وليلة العيد وقت زكاة الفطر. واشترطوا فيها أن تكون فاضلة عن ذلك. وأما المكاتب فهي منه تبرع، فيجري فيها ما يجري في سائر تبرعاته. قال الإمام: ولا يضحي عما في البطن. قال البلقيني: ويظهر من ذلك أن سنيتها تتعلق بمن يولد عند دخول وقت الأضحية، فمن كان حملا ذلك الوقت، ثم انفصل بعد يوم النحر أو ما بعده لم يتعلق به سنة الأضحية. قال: ولم أر من تعرض لذلك وخرجته من زكاة الفطر.
تنبيه: شمل كلام المصنف أهل البوادي والحضر والسفر والحاج وغيره، لأنه (ص) ضحى في منى عن نسائه بالبقر رواه الشيخان. وبهذا رد على العبدري قوله إنها لا تسن للحاج بمنى، وأن الذي ينحره بها هدي لا أضحية فيكره للقادر تركها. و (لا تجب) لما مر (إلا بالتزام) كسائر القرب. فإن قيل: ما فائدة ذكر هذا بعد قوله هي سنة؟. أجيب بأنه ذكره لدفع توهم أن يراد بالسنة الطريقة التي هي أعم من الواجب والمندوب، وللتلويح بمخالفة أبي حنيفة حيث أوجبها على مقيم بالبلد مالك لنصاب زكوي، وللتنبيه على أن نية الشراء للأضحية لا تصير به أضحية، لأن إزالة الملك على سبيل القربة لا تحصل بذلك كما لو اشترى عبدا بنية العتق أو الوقف.
تنبيه: قوله التزام اعترض عليه بأنه إن أراد به مطلق الالتزام ورد عليه ما لو التزمت الأضحية ولا تجب، وما لو قال: إن اشتريت هذه الشاة فلله على أن أجعلها أضحية كما هو أقيس الوجهين في المجموع تغليبا لحكم التعيين، وقد أوجبها قبل الملك فيلغو كما لو علق به طلاقا أو عتقا بخلاف ما لو قال: إن اشتريت شاة فلله على أن أجعلها أضحية ثم اشترى شاة لزمه أن يجعلها أضحية وفاء بما التزمه في ذمته، هذا إن قصد الشكر على حصول الملك، فإن قصد الامتناع فنذر لجاج وسيأتي، وإن أراد خصوص الالتزام بالنذر كما هو ظاهر عبارة الروضة، ورد عليه ما لو قال جعلت هذه الشاة أضحية أو هذه أضحية، فإنه يجب إن علق بشفاء مريض قطعا، وكذا إن أطلق في الأصح مع أنه ليس بنذر، بل ألحقه الأصحاب بالتحرير والوقف. (ويسن لمريدها) إن لم يكن محرما (أن لا يزيل شعره ولا ظفره في عشر ذي الحجة حتى يضحي) بل يكره له ذلك، لقوله (ص): إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره رواه مسلم عن أم سلمة. وسواء في ذلك شعر الرأس واللحية والشارب والإبط والعانة وغيرها، بل سائر أجزاء البدن كالشعر كما حكاه في زيادة الروضة عن إبراهيم المروزي. واستثنى من ذلك ما كانت إزالته واجبة كختان البالغ وقطع يد السارق والجاني بعد الطلب، وما كانت إزالته مستحبة كختان الصبي، فإن قيل: التضحية من مال الصبي ممتنعة، إذ لا يجوز لولي المحجور أن يضحي عنه من ماله، لأنه مأمور بالاحتياط لماله ممنوع من التبرع به، والأضحية تبرع فكيف يصح الاستثناء؟ أجيب بأن التضحية سنة كفاية في حق أهل البيت، فإنه لو ضحى شخص وأشرك غيره في الثواب جاز. قال الأسنوي: ولقائل أن يمنعه وهو الأوجه، وبقول الأحاديث الواردة بالامر، وعبارات الأئمة إنما دلت عليه في حق من أراد التضحية، وهذا لم يردها.
تنبيه: قول الزركشي: لو أراد الاحرام في عشر ذي الحجة لم تكره له الإزالة قياسا على ما لو دخل يوم الجمعة، فإنه يستحب له أخذ شعره وظفره ممنوع في المقيس والمقيس عليه، إذ لا يخلو الشهر من يوم جمعة. أما المحرم فيحرم
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548