مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٨٤
عليه إزالة الشعر والظفر، وقول المصنف في عشر ذي الحجة، يفهم أنه لو لم يصح يوم النحر لا بأس بالحلق في أيام التشريق، وإن كان على عزم التضحية في بقيتها وليس مرادا، ولهذا لم يقيد في الروضة وأصلها بعشر ذي الحجة. قال الزركشي: وفي معنى مريد الأضحية من أراد أن يهدي شيئا من النعم إلى البيت بل أولى، وبه صرح ابن سراقة. قال وقضية قولهم حتى يضحي أنه لو أراد التضحية بأعداد زالت الكراهة بذبح الأول، ويحتمل بقاء النهي إلى آخرها اه‍.
والأوجه زوالها بالأول، والأفضل أن لا يفعل شيئا من ذلك إلى آخرها، ولو أخر الناذر التضحية بمعين إلى انقضاء أيام التشريق، قال البلقيني: فالأرجح بقاء الكراهة لأن عليه أن يذبحها قضاء. (و) يسن (أن يذبحها) أي الأضحية الرجل (بنفسه) إن أحسن الذبح للاتباع، رواه الشيخان، وأن يكون ذلك في بيته بمشهد من أهله ليفرحوا بالذبح ويتمتعوا باللحم، وفي يوم النحر، وإن تعددت الأضحية مسارعة للخيرات. أما المرأة، فالسنة لها أن توكل كما في المجموع، والخنثى مثلها، قال الأذرعي: والظاهر استحباب التوكيل لكل من ضعف عن الذبح من الرجال لمرض أو غيره وإن أمكنه الاتيان، ويتأكد استحبابه للأعمى وكل من تكره ذكاته (وإلا) أي وإن لم يذبح الأضحية بنفسه لعذر أو غيره (فليشهدها) لما روى الحاكم، وقال صحيح الاسناد أنه (ص) قال ل فاطمة رضي الله تعالى عنها:
قومي إلى أضحيتك فاشهديها، فإنه بأول قطرة من دمها يغفر لك ما سلف من ذنوبك. قال عمران بن حصين: هذا لك ولأهل بيتك فأهل ذلك أنتم أم للمسلمين عامة؟
قال بل للمسلمين عامة. تنبيه: أفهم كلامه جواز الاستنابة، وبه صرح غيره، لأن النبي (ص) ساق مائة بدنة فنحر منها بيده ثلاثا وستين، ثم أعطى عليا رضي الله عنه المدية فنحر ما غير - أي بقي -. والأفضل أن يستنيب مسلما فقيها بباب الأضحية، ويكره استنابة كتابي وصبي وأعمى. قال الروياني: واستنابة الحائض خلاف الأولى، ومثلها النفساء، ويسن للإمام أن يضحي من بيت المال عن المسلمين بدنة في المصلى، وأن ينحرها بنفسه، رواه البخاري وإن لم يتيسر بدنة فشاة للاتباع رواه الماوردي وغيره، وإن ضحى عنهم من ماله ضحى حيث شاء. (ولا تصح) أي الأضحية. قال الشارح: من حيث التضحية بها، أي لا من حيث حل ذبحها وأكل لحمها ونحو ذلك (إلا من) نعم (إبل وبقر وغنم) بسائر أنواعها بالاجماع، وقال تعالى * (ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) * ولم ينقل عنه (ص) ولا عن أصحابه التضحية بغيرها، ولان التضحية عبادة تتعلق بالحيوان فتختص بالنعم كالزكاة، فلا يجزئ غير النعم من بقر الوحش وغيره والظباء وغيرها.
تنبيه: المتولد بين جنسين من النعم يجزئ هنا، وفي العقيقة والهدي وجزاء الصيد، لأنه ينبغي اعتبار أعلى الأبوين سنا في الأضحية ونحوها حتى يعتبر في المتولد بين الضأن والمعز بلوغه سنتين ويطعن في الثالثة، وهو مراد شيخنا في شرح الروض بقوله: بلوغه ثلاث سنين إلحاقا له بأعلى السنين به. ثم شرع في قدر سن ذلك، فقال (وشرط إبل أن يطعن في السنة السادسة، وبقر ومعز في) السنة (الثالثة وضأن في) السنة (الثانية) بالاجماع كما نقله في المجموع.
تنبيه: ما ذكر في الضأن يفهم أنه لو أجذع قبل تمام السنة: أي سقطت أسنانه لا يجزئ وليس مرادا، والمنقول في الرافعي عن العبادي والبغوي: الاجزاء، ولعموم خبر أحمد وغيره: ضحوا بالجذع من الضأن فإنه جائز أي ويكون ذلك كالبلوغ بالسن أو الاحتلام، فإنه يكفي أسبقهما كما صرح به في أصل الروضة (ويجوز ذكر وأنثى) أي التضحية بكل منهما بالاجماع، وإن كثر نزوان الذكر وولادة الأنثى. نعم التضحية بالذكر أفضل على الأصح المنصوص لأن لحمه أطيب، كذا قال الرافعي. ونقل في المجموع في باب الهدي عن الشافعي: أن الأنثى أحسن من الذكر لأنها أرطب لحما ولم يحك غير، ويمكن حمل الأول على ما إذا لم يكثر نزوانه، والثاني ما على إذا كثر.
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548