مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٨٩
ولأنه التزم الذبح وتفرقة اللحم وقد فوتهما، وبهذا فارق إتلاف الأجنبي، فإن زادت القيمة على ثمن مثل المتلفة لرخص حدث اشترى كريمة، أو مثل المتلفة وأخذ بالزائد أخرى إن وفى بها، وإن لم يوف بها ترتب الحكم كما سبق فيهما إذا أتلفها أجنبي ولم تف القيمة بما يصلح للأضحية. واستحب الشافعي والأصحاب أن يتصدق بالزائد الذي لا يفي بأخرى، وأن لا يشتري به شيئا ويأكله، وفي معناه بدل الزائد الذي يذبحه، وإنما لم يجب التصدق بذلك كالأصل، لأنه مع أنه ملكه قد أتى ببدل الواجب كاملا، وإن ذبحها الناذر قبل الوقت لزمه التصدق بجميع الحم، ولزمه أيضا أن يذبح في وقتها مثلها بدلا عنها، وإن باعها فذبحها المشتري قبل الوقت أخذ البائع منه اللحم وتصدق به وأخذ منه الأرش وضم إليه البائع ما يشتري به البدل، ولو ذبحها أجنبي قبل الوقت لزمه الأرش، وهل يعود اللحم ملكا أو يصرف مصارف الضحايا؟. وجهان: فإن قلنا بالأول اشترى الناذر به وبالأرش الذي يعود ملكا أضحية وذبحها في الوقت، وإن قلنا بالثاني، وهو كما قال شيخنا الظاهر فرقه واشترى بالأرش أضحية إن أمكن، وإلا فكما مر. ثم شرع فيما إذا كانت الأضحية المنذورة في الذمة بقوله: (وإن نذر في ذمته) ما يضحي به كأن قال: لله علي أضحية (ثم عين) المنذور كعينت هذا البعير لنذري (لزمه ذبحه) أي ما عينه (فيه) أي الوقت المذكور، لأنه التزم أضحية في الذمة، وهي مؤقتة، وقيل لا تتأقت لثبوتها في الذمة كدم الجبرانات (فإن تلفت) أي المعينة عن النذر (قبله) أي الوقت أو فيه (بقي الأصل عليه في الأصح) لأن ما التزمه ثبت في الذمة، والمعين وإن زال ملكه عنه فهو مضمون عليه. والثاني لا يجب الابدال، لأنها تعينت بالتعيين. النوع الثاني حكم التعييب، فإذا حدث في المنذورة المعينة ابتداء عيب يمنع ابتداء التضحية ولم يكن بتقصير من الناذر، فإن كان قبل التمكن من ذبحها أجزأه ذبحها في وقتها ولا يلزمه شئ بسبب التعييب، فإن ذبحها قبل الوقت تصدق باللحم ولا يأكل منه شيئا، لأنه فوت ما التزمه بتقصيره وتصدق بقيمتها دراهم أيضا، ولا يلزمه أن يشتري بها أضحية أخرى، إذ مثل المعيبة لا يجزئ أضحية، وإن كان العيب بعد التمكن من ذبحها لم تجزه لتقصيره بتأخير ذبحها، ويجب عليه أن يذبحها ويتصدق بلحمها لأنه التزم ذلك إلى هذه الجهة، وأن يذبح بدلها سليمة، ولو ذبح المنذورة في وقتها ولم يفرق لحمها حتى فسد لزمه شراء بدل اللحم بناء على أنه مثلي وهو الأصح، ولا يلزمه شراء أخرى لحصول إراقة الدم ولكن له ذلك. وقيل يلزمه قيمته. وجرى عليه ابن المقرى تبعا لاصله، هذا بناء على أنه متقوم. وأما المعينة عما في الذمة لو حدث بها عيب ولو حالة الذبح بطل تعيينها وله التصرف فيها، ويبقي عليه الأصل في ذمته. النوع الثالث حكم ضلال المنذورة فلا يضمنها إن ضلت بغير تقصير منه، فإن وجدها بعد فوات الوقت ذبحها في الحال قضاء وصرفها مصرف الأضحية، ولا يجوز له تأخيرها وعليه طلبها إلا إن كان بمؤنة، وإن قصر حتى ضلت لزمه طلبها ولو بمؤنة. قالا: ومن التقصير تأخير الذبح إلى آخر أيام التشريق بلا عذر، وخروج بعضها ليس بتقصير كمن مات في أثناء وقت الصلاة الموسع لا يأثم. قال الأسنوي: وهذا ذهول عما ذكره الرافعي فيها قبل: من أنه إن تمكن من الذبح ولم يذبح حتى تلفت أو تعيبت فإنه يضمنها وذكر البلقيني نحوه وقال: ما رجحه النووي ليس بمعتمد.
قال شيخنا:
ويفرق بينه وبين عدم إثم من مات وقت الصلاة بأن الصلاة محض حق الله تعالى بخلاف الأضحية اه‍. وما فرق به بين الضلال والاتلاف فإنها في الضلال باقية بحالها بخلافها فيما مضى لا تجزئ، والأوجه التسوية بين الضلال وبين ما تقدم. ولو عين شاة عما في ذمته، ثم ذبح غيرها مع وجودها ففي إجزائها خلاف، ويؤخذ مما مر من أنه يزول ملكه عنها عدم الاجزاء ولو ضلت هذه المعينة عما في الذمة فذبح غيرها أجزأته. فإن وجدها لم يلزمه ذبحها، بل يتملكها كما صرح به الرافعي في الشرح الصغير. (وتشترط النية) للتضحية (عند الذبح) للأضحية (إن لم يسبق تعيين) أما اشتراط النية فلأنها عبادة والأعمال بالنيات. وأما اشتراطها عند الذبح فلان الأصل اقتران النية بأول الفعل، وهذا وجه. والأصح في الشرح والروضة والمجموع جواز تقديم النية في غير
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548