مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٢٩
بسببه (وكان حلف وحنث بإذن سيده) في كل منهما (صام بلا إذن) وليس له منعه، وإن كانت الكفارة على التراخي لصدور السبب الموجب عن إذن السيد (أو وجدا) أي الحلف والحنث (بلا إذن) منه (لم يصم إلا بإذن) منه قطعا سواء أكان الحلف واجبا أم جائزا أم ممنوعا، لأنه لم يأذن في السبب وحقه على الفور والكفارة على التراخي، فإن صام بلا إذن أجزأه كما لو صلى الجمعة بلا إذن فإنها تجزئه، أو حج فإنه ينعقد وعدم الاعتداد به عن حجة الاسلام، ولو أذن له سيده فيه إنما هو للحديث المتقدم في الحج (وإن أذن) له (في أحدهما) فقط (فالأصح اعتبار) إذن السيد له في (الحلف) فإذا حلف بإذنه وحنث بغير إذنه صام بغير إذنه، لأن إذنه في الحلف إذن فيما يترتب عليه. والثاني الاعتبار بالحنث لأن اليمين مانعة منه، فليس إذنه فيها إذنا في التزام الكفارة، وهذا هو الأصح كما في الشرحين والروضة في كتاب الكفارة ونقلاه عن الأكثرين، وأحالا المسألة هنا على ما هناك، بل قيل إن ما في المحرر سبق قلم من الحنث إلى الحلف، لكن المحرر يتبع البغوي كثيرا كما استقرئ من كلامه، والبغوي صحح أن الاعتبار بالحلف وخرج بيضره الصوم ما إذا لم يضره فله الصوم بغير إذن سيده، وبالعبد الأمة فللسيد منعها من الصوم وإن لم تتضرر به، لأن حق السيد في الاستمتاع بها ناجز (ومن بعضه حر وله مال يكفر بطعام أو كسوة) ولا يكفر بالصوم ليساره كما أنه إذا وجد ثمن الماء أو الثوب لا يجوز له أن يصلي متيمما أو عاريا (لا عتق) لأنه يستعقب الولاء المتضمن للولاية والإرث وليس هو من أهلهما. واستثنى البلقيني من ذلك ما لو قال له مالك بعضه: إذا أعتقت عن كفارتك فنصيبي منك حر قبيل إعتاقك عن الكفارة أو معه فيصح إعتاقه عن كفارة نفسه في الأولى قطعا، وفي الثانية على الأصح، ولو مات العبد وعليه كفارة فللسيد التكفير عنه بالمال وإن قلنا لا يملك إذ لا رق بعد الموت، فهو والحر سواء في ذلك بخلاف ما قبله ولا يكفر عنه بالعتق لنقصه عن أهلية الولاء.
فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة والدخول وغيرها مما يأتي، وبدأ بالأول فقال: إذا (حلف لا يسكنها) أي دارا معينة (أو لا يقيم فيها) وهو فيها عند الحلف (فليخرج في الحال) ببدنه بنية التحول كما في التنبيه وغيره ليتخلص من الحنث وإن بقي أهله ومتاعه فإنه المخلوف عليه، ولا يكلف في خروجه عدوا، ولا هرولة ولا أن يخرج من بابها القريب، نعم لو كان له باب من السطح فخرج منه مع القدرة على الخروج من غيره حنث، لأنه بالصعود في حكم المقيم كما قاله الماوردي وإنما اشترط نية التحول ليقع الفرق بينه وبين الساكن الذي من شأنه أن يخرج ويعود ويومئ إلى ذلك قول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في الام والمختصر: ويخرج ببدنه متحولا. وهذا كما قاله الأذرعي في المتوطن فيها قبل حلفه فلو دخلها لينظر إليها هل يسكنها أو لا. فحلف لا يسكنها وخرج في الحال لم يفتقر إلى نية التحول قطعا والمراد بالسكون الحلول لا ضد الحركة (فإن مكث بلا عذر حنث) وإن قل كما لو وقف ليشرب مثلا وقول الروضة: مكث ساعة لم يرد به الساعة الزمانية بل متى مكث حنث (وإن بعث متاعه) لأن المحلوف عليه سكناه وهو موجود إذ السكنى تطلق على الدوام كالابتداء يقال: سكن شهرا، وتستعمل مع المتاع ودونه. واحترز بقوله بلا عذر ما لو مكث لعذر كأن أغلق عليه الباب أو منع من الخروج أو خاف على نفسه أو ماله لو خرج أو كان به مرض لا يقدر معه على الخروج ولم يجد من يخرجه قال الماوردي: أو ضاق وقت الفريضة بحيث لو خرج قبل أن يصليها فاتت لم يحنث. قال البلقيني: وما ذكره الماوردي جار على المعتمد فيمن حلف ليطأن زوجته في هذه الليلة فوجدها حائضا اه‍. ولو حدث عجزه على الخروج بعد حلفه فكالمكره (وإن اشتغل) بعد الحلف (بأسباب الخروج
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548