مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٦٧
صيدا فقد زال امتناعه وملكه، فإذا جرحه مجوسي ومات الجرحين حرم، وعلى المجوسي قيمته مثخنا، لأنه أفسده بجعله ميتة ولو أكره مجوسي مسلما على ذبح ولو أمسك له صيدا فذبحه أو شاركه في قتله بسهم أو كلب وهو في حركة مذبوح أو شاركه في رد الصيد على كلب المسلم بأن رده إليه لم يحرم، إذ المقصود الفعل، وقد حصل ممن يحل ذبحه، فلا يؤثر فيه الاكراه ولا غيره بما ذكر، ويحل ما اصطاد المسلم بكلب المجوسي قطعا، ولو أرسل مجوسي ونحوه سهمه على صيد ثم أسلم ووقع بالصيد لم يحل نظرا إلى أغلظ الحالين، ولو كان مسلما في حالتي الرمي والإصابة وتخللت الردة بينهما لم يحل أيضا.
فائدة: قال المصنف في شرح مسلم: قال بعض العلماء: والحكمة في اشتراط الذبح وإنهار الدم تمييز حلال اللحم والشحم من حرامهما وتنبيه على حرام الميتة لبقاء دمها. (ويحل ذبح) وصيد (صبي) مسلم أو كتابي (مميز) لأن قصده صحيح بدليل صحة العبادة منه إن كان مسلما، فاندرج تحت الأدلة كالبالغ (وكذا) صبي (غير مميز ومجنون وسكران) يحل ذبحهم (في الأظهر) لأن لهم قصدا وإرادة في الجملة، لكن مع الكراهة كما نص عليه في الام، وصرح به في التنبيه خوفا عن عدولهم عن محل الذبح وإن أشعر كلام المصنف بخلافه، فلو قال: ويكره كأعمى كان أولى وأخصر، والثاني لا تحل لفساد قصدهم.
تنبيه: محل الخلاف في المجنون والسكران إذا لم يكن لهما تمييز أصلا، فإن كان لهما أدنى تمييز حل قطعا، قاله البغوي، ومحل حل ذبح غير المميز إذا أطاق الذبح، فإن لم يطق لم يحل، نص عليه في الام والمختصر، قاله البلقيني، بل المميز إذا لم يطق الحكم فيه كذلك، ونقل عن نص الام. (وتكره زكاة أعمى) لما مر (ويحرم صيده برمي أو كلب) وغيره من جوارح السباع (في الأصح) المنصوص لعدم صحة قصده لأنه لا يرى الصيد فصار كاسترسال الكلب وما ذكره معه بنفسه، والثاني يحل كذبحه.
تنبيه: اقتصاره على تحريم صيد الأعمى يقتضي أن صيد من قبله حلال، وهو كما قاله في المجموع إنه المذهب، وقيل لا يصح لعدم القصد، وليس بشئ اه‍. وقول الروضة وأصلها أن الوجهين في الأعمى يجريان في اصطياد الصبي، والمجنون لا يلزم منه الاتحاد في الترجيح وإن جرى ابن المقري على الاتحاد، وحكى الدارمي في ذبح النائم وجهين، والذي ينبغي القطع به عدم حله، وأما ذبيحة الأخرس فتحل وإن لم تفهم إشارته كالمجنون.
فرع: قال في المجموع: قال أصحابنا: أولى الناس بالزكاة الرجل العاقل المسلم ثم المرأة المسلمة، ثم الصبي المسلم، ثم الكتابي، ثم المجنون والسكران انتهى. قال شيخنا: والصبي غير المميز في معنى الأخيرين. (وتحل ميتة السمك والجراد) بالاجماع وإن كان نظير الأول في البر محرما ككلب لقوله تعالى: * (أحل لكم صيد البحر وطعامه) * ولخبر: أحلت لنا ميتتان ولخبر: هو - أي البحر - الطهور ماؤه، الحل ميتته ولان ذبحهما لا يمكن عادة فسقط اعتباره سواء ماتا بسبب أم لا، وسواء كان طافيا أم راسبا، خلافا لأبي حنيفة في الطافي لأنه (ص) أكل من العنبر، وهو الحوت الذي طفا، وكان أكله منه بالمدينة رواه مسلم. (لو صادهما) أي السمك والجراد (مجوسي) لأن أكثر ما فيه أن يجعل ميتة وميتتهما حلال كما مر، ولا اعتبار بفعله. قال في زيادة الروضة: ولو ذبح مجوسي سمكة حلت أيضا، فلو قال المصنف: ولو قتلهما مجوسي لكان أولى. وأما قتل المحرم الجراد فيحرم عليه، وأما على غيره ففيه قولان:
أصحهما أنه لا يحرم، وجزم به في المجموع، ويسن ذبح كبار السمك الذي يطول بقاؤه إراحة له، ويكره ذبح صغاره لأنه عبث وتعب بلا فائدة.
تنبيه: شمل حل ميتة السمك ما لو وجدت سمكة ميتة في جوف أخرى فتحل، كما لو ماتت حتف أنفها إلا
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548