مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٦٦
على الجنين في باب الأطعمة إن شاء الله تعالى. ثم شرع في شرع الركن الثاني، وهو الذابح، فقال (وشرط ذابح) أي وعاقر (وصائد) لغير سمك وجراد ليحل مذبوحه ومعقوره ومصيده (حل مناكحته) للمسلمين بكونه مسلما أو كتابيا بشرطه السابق في محرمات النكاح. قال تعالى * (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) *. قال ابن عباس: وإنما أحلت ذبائح اليهود والنصارى من أجل أنهم آمنوا بالتوراة والإنجيل رواه الحاكم وصححه. وسواء اعتقدوا إباحته كالبقر والغنم أم تحريمه كالإبل، وأما سائر الكفار كالمجوسي والوثني والمرتد فلا تحل ذبيحتهم ولا مصيدهم ولا معقورهم لعدم حل مناكحتهم.
تنبيه: إن قلنا تحل مناكحة الجن حلت ذبيحتهم، وإلا فلا، وتقدم الكلام على ذلك في محرمات النكاح، وبقية الحيوانات لا تحل ذبيحتها لو علمت الذبح في المقدور عليه، وسيأتي الكلام في غيره، وإنما لم يشترط المصنف في الصائد كونه بصيرا لأنه سيذكر بعد ذلك أن الأعمى لا يحل صيده، ولم يشترط في الذابح كونه ليس محرما في الوحشي أو المتولد منه، وفي المذبوح كونه غير صيد حرمي على حلال أو محرم لأنه قدم ذلك في محرمات الاحرام، ولان المحرم مباح الذبيحة في الجملة، ولكن الاحرام مانع بالنسبة إلى الصيد البري، أما صائد السمك والجراد فلا يشترط فيه الشرط المذكور لأن ميتتهما حلال، فلا عبرة بالفعل، ولا أثر للرق في الذابح. (و) حينئذ (تحل ذكاة أمة كتابية) وإن حرم مناكحتها لعموم الآية المذكورة، وهذه مستثناة من قوله: وشرط ذابح حل مناكحته. واستثنى الأسنوي أيضا زوجات النبي (ص) بأنهن لا تحل مناكحتهن وتحل ذبيحتهن. قال: فينبغي أن يقول في الضابط من لا تحل مناكحته لنقصه ، واعترضه البلقيني بأنه كان يحل مناكحتهن للمسلمين قبل أن ينكحهن النبي (ص)، وبعد أن نكحهن، فالتحريم على غيره لا عليه، وهو رأس المؤمنين (ص). قال: فلا يورد ذلك إلا قليل البصيرة. قال ابن شهبة:
ويمكن أن يصحح الاستثناء بأن يقال زوجاته (ص) بعد موته يحرم نكاحهن وتحل ذبيحتهن اه‍. والأولى عدم استثناء ذلك لأن حرمتهن على غيره (ص) لا لشئ فيهن، وإنما هو تعظيما له (ص) ، بخلاف الأمة الكتابية فإنه لأمر فيها وهو رقها مع كفرها.
تنبيه: علم من كلامه حل ذكاة المرأة المسلمة بطريق الأولى وإن كانت حائضا، وقيل تكره ذكاة المرأة الأضحية والخنثى كالأنثى. (ولو شارك مجوسي) أو غيره ممن لا تحل مناكحته، ولو عبر به كان أولى (مسلما في ذبح أو اصطياد) يحتاج لتزكية كأن أمرا سكينا على حلق شاة أو قتلا صيدا بسهم أو كلب (حرم) المذبوح والمصاد تغيبا للتحريم (ولو أرسلا) أي مسلم ومجوسي (كلبين أو سهمين) أو أحدهما كلبا والآخر سهما على صيد (فإن سبق آلة المسلم) آلة المجوسي في صورة السهمين أو كلب المسلم كلب المجوسي في صورة الكلبين (فقتل) الصيد (أو) لم يقتله بل (أنهاه إلى حركة مذبوح) ثم أصابه كلب المجوسي أو سهمه (حل) ولا يقدح ما وجد من المجوسي كما لو ذبح المسلم شاة فقدها مجوسي، فلو أدركه كلب المجوسي أو سهمه وفيه حياة مستقرة فقتله حرم وضمنه المجوسي للمسلم (ولو انعكس) ما ذكر بأن سبق آلة المجوسي فقتل أو أنهاه إلى حركة مذبوح (أو) لم يسبق واحد منهما (جرحاه معا) وحصل الهلاك بهما (أو جهل) ذلك، وهذه مزيدة على المحرر والشرح (أو) جرحاه (مرتبا) بأن سبق آلة أحدهما الآخر (و) لكن (لم يذفف أحدهما) - بإعجام الذال وإهمالها - أي لم يقتل سريعا فهلك بهما (حرم) الصيد في مسألة العكس، وما عطف عليها تغليبا للتحريم.
تنبيه: قضية كلامه أنه لو سبق كلب المجوسي فأمسك ولم يقتل ولم يجرح أنه إذا قتله كلب المسلم يحل، وليس مرادا بل هو حرام لأنه لما أمسكه ولم يجرحه صار مقدورا عليه، فلا يحل بقتل كلب المسلم، ولو أثخن مسلم بجراحته
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548