مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٥٥
لأن يعمل لهم فيه، ولو استأجروا له وترافعوا إلينا حكمنا ببطلان الإجارة. قال: والمراد بالترميم الإعادة لما تهدم منها لا بآلات جديدة. قال: وهذا مدلول لفظ الإعادة والترميم، ومن ادعى خلاف ذلك فهو مطالب بنقل عن أحد من علماء الشريعة، قال: وبالجملة مشهور مذهبنا التمكين والحق عندي خلافه اه‍. والذي قاله ابن يونس في شرح الوجيز ، واقتضى كلامه الاتفاق عليه أنها ترمم بآلات جديدة وليس لهم توسيعها، لأن الزيادة في حكم كنيسة محدثة متصلة بالأولى. (ويمنعون) أي الذميون (وجوبا وقيل ندبا من رفع بناء) لهم (على بناء جار) لهم (مسلم) وإن لم يشرط عليهم في العقد لخبر البخاري عن ابن عباس: الاسلام يعلو ولا يعلى عليه وليتميز البناءان، ولئلا يطلع على عوراتنا، ولا فرق في ذلك بين أن يرضى الجار بذلك أم لا، لأن المنع من ذلك لحق الدين لا لمحض حق الجار، وسواء أكان بناء المسلم معتدلا أم في غاية الانخفاض.
تنبيه: محل المنع كما قال البلقيني: إذا كان بناء المسلم مما يعتاد في السكنى، فلو كان قصيرا لا يعتاد فيها لأنه لم يتم بناؤه أو أنه هدمه إلى أن صار كذلك لم يمنع الذمي من بناء جداره على أقل ما يعتاد في السكنى، لئلا يتعطل عليه حقها الذي عطله المسلم باختياره أو تعطل عليه بإعساره، والمراد بالجار كما قال الجرجاني أهل محلته دون جميع البلد.
(والأصح المنع من المساواة) أيضا بين بناء المسلم والذمي، لقوله تعالى * (ضربت عليهم الذلة) * فينبغي استحقارهم في جميع الأشياء، لأن القصد تمييزهم عن المسلمين في المساكن والملابس والمراكب، والحديث يدل على علو الاسلام، ولا علو مع المساواة.
تنبيه: فهم من قوله رفع تصوير المنع بالاحداث، فلو تلك الذمي دار مساوية أو عالية لم يكف هدمها، وكذا ما بنوه قبل أن تملك بلادهم لأنه وضع بحق، لكن يمنع من طلوع سطحه إلا بعد تحجيره بخلاف المسلم فإنه مأمون، ويمنع صبيانهم من الاشراف على المسلم بخلاف صبياننا، حكاه في الكفاية عن الماوردي. فإن انهدم البناء المذكور امتنع العلو والمساواة، ولو رفع بناءه على المسلم فأراد المسلم أن يرفع بناءه عليه لم يؤخر هدم بنائه بذلك، فلو تأخر نقضه حتى رفع المسلم بناءه عليه قال ابن الصلاح: الظاهر أنه لا يسقط حق النقض بذلك، ولو رفعه فحكم الحاكم بنقضه فباعه من مسلم فهل يسقط حق النقض؟ قال ابن الرفعة فيما كتبه على حواشي كفايته: يظهر تخريجه على الوجهين فيما إذا باع المستعير ما بناه على الأرض المستعار بعد رجوع المعير، وكذا بيع البناء بعد انقضاء الإجارة، فإن لم يجوزوه انبنى على من اشترى فصيلا بشرط القطع، ثم اشترى الأرض هل يلزمه القطع؟ وجهان اه‍. ويؤخذ من ذلك أنه لا يسقط النقض بعد حكم الحاكم بنقضه إذا باعه لمسلم بخلاف ما إذا باعه قبل الحكم بذلك. قال الأذرعي:
وحكمت أيام قضائي على يهودي بهدم ما بناه، وبالتنقيص عن المساواة لجاره فأسلم فأقررته على بنائه وفي نفسي منه شئ، وظني إن كنت قلت له إن أسلمت لم أهدمه اه‍. بل الوجه عدم الهدم لقوله تعالى * (قل للذين كفروا) * الآية قال الزركشي: ولو استأجر الذمي دارا عالية لم يمنع من سكناها بلا خلاف، قاله المرشد، وهل يجري مثله فيما لو ملك دار لها روشن حيث قلنا لا يشرع له روشن، أي وهو الأصح، أو لا يجري. لأن التعلية من حقوق الملك والروشن لحق الاسلام وقد زال؟ فيه نظر اه‍. والوجه الأول وخرج بقول المصنف: المسلم رفع أهل الذمة بعضهم على بعض، فإن اختلفت ملتهم ففي منع علو بعضهم على بعض وجهان في الحاوي والبحر، والذي ينبغي القطع به الجواز. (و) الأصح وعبر في الروضة بالصحيح (أنهم لو كانوا بمحلة منفصلة) عن المسلمين بطرف من البلد، منقطع عن العمارة (لم يمنعوا) من رفع البناء، لأن الممنوع المطاولة، وإنما تحقق عند وجود بناء مسلم ولامتناع خوف الاطلاع على عورة المسلمين، والثاني المنع لأنه استعلاء في دار الاسلام. أما إذا التصقت دور البلد من أحد جوانبها، فإنا نعتبر في ذلك الجانب: أن لا يرتفع فيه بناء أهل الذمة على بناء من يجاورهم من المسلمين دون بقية
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548