مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٥٧
صالحهم على تغيير زيهم بمحضر من الصحابة كما رواه البيهقي. فإن قيل لم لم يفعل النبي (ص) هذا بيهود المدينة ونصارى نجران؟. أجيب بأنهم قليلين معروفين، فلما كثروا في زمن الصحابة رضي الله تعالى عنهم وخافوا من التباسهم بالمسلمين احتاجوا إلى تمييزهم وإلقاء منديل ونحوه كالخياطة كما في أصل الروضة وإن استبعده ابن الرفعة، والأولى باليهود: الأصفر، وبالنصارى الأزرق والأكهب، ويقال له الرمادي، وبالمجوس الأحمر أو الأسود. قال البلقيني: وما ذكر من الأولى لا دليل عليه اه‍. ويكفي عن الخياطة العمامة كما عليه العمل الآن، أما إذا انفردوا بمحلة فلهم ترك الغيار كما قاله في البحر، وهو قياس ما تقدم في تعلية البناء. (و) يؤمر الذمي أيضا بشد (الزنار) وهو بضم المعجمة: خيط غليظ يشد في الوسط (فوق الثياب) لأن عمر رضي الله تعالى عنه صالحهم عليه كما رواه البيهقي، هذا في الرجل. أما المرأة فتشده تحت الإزار كما صرح به في التنبيه، وحكاه الرافعي عن التهذيب وغيره، لكن مع ظهور بعضه حتى يحصل به فائدة. قال الماوردي: ويستوي فيه سائر الألوان. قال في أصل الروضة: وليس لهم إبداله بمنطقة ومنديل ونحوهما، والجمع بين الغيار والزنار أولى، وليس بواجب كما يقتضيه كلام المصنف، ومن لبس منهم قلنسوة يميزها عن قلانسنا بعلامة فيها (وإذا دخل) الذمي متجردا (حماما) وهو مذكر بدليل عود الضمير عليه مذكرا في قوله (فيه مسلمون أو تجرد عن ثيابه) بين مسلمين في غير حمام (جعل) وجوبا (في عنقه خاتم حديد) بفتح التاء وكسرها (أو رصاص) بفتح الراء، وقوله (ونحوه) مرفوع بخطه، ويجوز نصبه عطفا على خاتم لا رصاص، وأراد بنحو الخاتم الجلجل ونحوه، ويجوز عطفه على الرصاص، ويراد حينئذ بنحوه النحاس ونحوه، بخلاف الذهب والفضة، قال الزركشي: والخاتم طوق يكون في العنق.
تنبيه: شمل إطلاق المصنف النساء، وهو الأصح بناء على جواز دخولهن الحمام مع المسلمات والأصح في زيادة الروضة المنع منه، لأنهن أجنبيات في الدين، وتقدم في النكاح ما له بهذا تعلق، وقد تقدم الكلام في دخول المسلمات الحمام في باب الغسل.
فروع: لو لبس الذمي الحرير وتعمم أو تطيلس لم يمنع كما لم يمنع من رفيع القطن والكتان. قال الأذرعي:
ويجب القطع بمنعهم من التشبه بلباس أهل العلم والقضاة ونحوهم، لما في ذلك من التعاظم والتيه. قال الماوردي:
ويمنعون من التختم بالذهب والفضة، ولما فيه من التطاول والمباهاة، وتجعل المرأة خفها لونين، ولا يشترط التمييز بكل هذه الوجوه، بل يكفي بعضها. قال الحليمي: ولا ينبغي لفعلة المسلمين وصياغهم أن يعملوا للمشركين كنيسة أو صليبا، أما نسج الزنانير فلا بأس به لأن فيه صغارا لهم. (ويمنع) الكافر (من إسماعه المسلمين) قولا (شركا) كقولهم:
الله ثالث ثلاثة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا (وقولهم) بالنصب بخطه عطفا على شركا (في عزير والمسيح) صلى الله على نبينا وعليهما وعلى بقية أنبياء الله تعالى (ومن إظهار خمر وخنزير وناقوس) وهو ما تضرب به النصارى لأوقات الصلاة (وعيد) ومن إظهار قراءتهم التوراة والإنجيل ولو في كنائسهم، لما في ذلك من المفاسد وإظهار شعار الكفر.
تنبيه: قضية كلامه منعهم من ذلك سواء شرط عليهم في العقد أم لا، وبه صرح القاضي أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما، ومتى أظهروا خمورهم أريقت، وقياسه إتلاف الناقوس إذا أظهروه، وإذا فعلوا ما يعتقدون تحريمه أجرى عليهم حكم الله فيه، ولا يعتبر رضاهم، وذلك كالزنا والسرقة فإنهما محرمان عندهم كشرعنا، بخلاف ما يعتقدون حله كشرب الخمر فلا يقام عليهم الحد بشربه في الأصح، وفهم من التقييد بالاظهار أنه لا يمنع بينهم، وكذا إذا انفردوا بقرية، نص عليه في الام.
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548