مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٥٤
بالجواز. (وما) أي والبلد الذي (فتح عنوة) كمصر وأصبهان وبلاد المغرب (لا يحدثونها فيه) لأن المسلمين ملكوها بالاستيلاء فيمتنع جعلها كنيسة، وكما لا يجوز إحداثها لا يجوز إعادتها إذا انهدمت (ولا يقرون على كنيسة كانت فيه في الأصح) لما مر، وعلى هذا فلا يجوز تقرير الكنائس بمصر كما قاله الزركشي: لأنها فتحت عنوة ولا بالعراق، والثاني يقرون لأن المصلحة قد تنقضي ذلك، ومحل الخلاف في القائمة عند الفتح، أما المتهدمة أو التي هدمها المسلمون فلا يقرون عليها قطعا.
تنبيه: لو استولى أهل حرب على بلدة أهل ذمة وفيها كنائسهم ثم استعدناها منهم عنوة أجرى عليها حكم ما كانت عليه قبل استيلاء أهل الحرب، قاله صاحب الوافي، واستظهره الزركشي. (أو) فتح البلد (صلحا) كبيت المقدس (بشرط) كون (الأرض لنا وشرط إسكانهم) فيها بخراج (وإبقاء الكنائس) مثلا لهم (جاز) لأنه إذا جاز الصلح على أن كل البلد لهم فعلى بعضهم أولى.
تنبيه: قوله وإبقاء الكنائس يقتضي منعهم من إحداثها، وبه صرح الماوردي، والذي في الشرح والروضة عن الروياني وغيره إنهم إذا صولحوا على إحداثها جاز أيضا ولم يذكر إخلافه. قال الزركشي: وهو محمول على ما إذا دعت إليه ضرورة وإلا فلا وجه له اه‍. ومقتضى التعليل الجواز مطلقا وهو الظاهر، والتعبير بالجواز المراد به عدم المنع، إذ الجواز حكم شرعي ولم يرد الشرع بجواز ذلك، نبه عليه السبكي. (وإن) فتح البلد صلحا بشرط الأرض لنا (وأطلق) الصلح فلم يذكر فيه إبقاء الكنائس ولا عدمه (فالأصح المنع) من إبقائها فيهدم ما فيها من الكنائس، لأن إطلاق اللفظ يقتضي ضرورة جميع البلد لنا، والثاني لا، وهي مستثناة بقرينة الحال لحاجتهم إليها في عبادتهم.
فائدة: قال الشيخ عز الدين: لا يجوز للمسلم دخول كنائس أهل الذمة إلا بإذنهم، لأنهم يكرهون دخولهم إليها، ومقتضى ذلك الجواز بالاذن وهو محمول على ما إذا لم تكن فيها صورة فإن كان وهي لا تنفك عن ذلك حرم هذا إذا كانت مما يقرون عليها وإلا جاز دخولها بغير إذنهم لأنها واجبة الإزالة، وغالب كنائسهم الآن بهذه الصفة. (أو) فتح صلحا بشرط الأرض (لهم) ويؤدون خراجها (قررت) كنائسهم لأنها ملكهم (ولهم الاحداث في الأصح) لأن الملك والدار لهم فيتصرفون فيها كيف شاءوا، والثاني المنع لأن البلد تحت حكم الاسلام، وعلى الأول لا يمنعون من إظهار شعارهم كخمر وخنزير، وأعيادهم كضرب ناقوسهم، ويمنعون من إيواء الجاسوس وتبليغ الاخبار وسائر ما نتضرر به في ديارهم.
تنبيه: حيث جوزنا أيضا الكنائس، فلا منع من ترميمها إذا استهدمت لأنها مبقاة، وهل يجب إخفاء العمارة؟ وجهان: أصحهما لا، ولا يمنعون من تطيينها من داخل وخارج، وتجوز إعادة الجدران الساقطة، وإذا انهدمت الكنيسة المبقاة، فلا يمنعون من إعادتها على الأصح في الشرح والروضة لأن ذلك ليس بإحداث، وقال السبكي في كتاب الوقف: ولا أرى الفتوى بذلك، فإن في سنة ثلاث عشرة أو نحوها رأيت في منامي رجلا من أكابر العلماء في ذلك الوقت عليه عمامة زرقاء، فعندما طلع الفجر من تلك الليلة طلبني ذلك العالم فوجدته في ذلك المكان الذي رأيته فيه، وبيده كراسة في ترميم الكنائس، يريد أن ينتصر لجواز الترميم ويستعين بي فذكرت واعتبرت. قال: ومعنى قولنا لا نمنعهم الترميم، وليس المراد جائز، بل هو من جملة المعاصي التي يقرون عليها كشرب الخمر، ولا نقول أن ذلك جائز لهم، ولا ينبغي أن يأذن لهم ولي الأمر فيه كما يأذن في الأشياء الجائزة في الشرع، وإنما معنى تمكينهم التخلية وعدم الانكار كما إنا نقرهم على التوراة والإنجيل، ولو اشتروهما أو استأجروا من يكتبهما لهم لم يحكم بصحته، ولا يحل للسلطان ولا للقاضي أن يقوم لهم افعلوا ذلك وأن يعينهم عليه ولا لاحد من المسلمين
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548