مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٦٨
أن تكون متغيرة وإن لم تتقطع كما قاله الأذرعي، لأنها صارت كالروث والقئ. (وكذا الدود المتولد من طعام كخل) وجبن (وفاكهة إذا أكل معه) ميتا يحل (في الأصح) لعسر تمييزه، وألحق بعض المتأخرين اللحم المدود بالفاكهة، وقضية هذا التعليل أنه إذا سهل تمييزه كالتفاح أنه يحرم أكله معه. قال ابن شهبة: وهو ظاهر، أي إذا كان لا مشقة فيه، وخرج بقوله: معه أكله منفردا فيحرم لنجاسته واستقذاره، وكذا لو نحاه من موضع إلى آخر كما قاله البلقيني، أو تنحى بنفسه ثم عاد بعد إمكان صوته عنه كما بحثه بعض المتأخرين. والثاني يحل مطلقا لأنه كجزء منه.
والثالث يحرم مطلقا لأنه ميتة. تنبيه: حق هذه المسألة أن تذكر في باب الأطعمة، وقضية إطلاقهم أنه لا فرق بين ما كثر من الدود أو لا، وقضية ما ذكروه فيما لا نفس له سائلة أنه إذا كثر وغير يمنع، لأن الأصح أنه ينجس في هذه الحالة، ويفرق بأن وقوع ما لا نفس له سائلة يمكن صون المائع عن كثرته بخلافه هنا. قال ابن شهبة: ويقاس بالدود المتولد من الطعام التمر والباقلاء المسوسان إذا طبخا ومات السوس فيهما، وهذا أولى من قول الزركشي: ولو فرق بين التمر والفول بأن التمر يشق عادة ويزال ما فيه، بخلاف الفول لكان متجها. ولو وقع في العسل نمل وطبخ جاز أكله، بخلاف اللحم لأنه لا مشقة في تنقيته عنه، ولو وقعت نملة واحدة أو ذبابة في قدر طبيخ وتهرت أجزاؤها فيه لم يحرم أكل ذلك الطبيخ لأنه لا يستقذر، ومثل الواحدة الشئ القليل من ذلك فيما يظهر، ولو وقع في القدر جزء من لحم آدمي وإن قل. قال في الاحياء: حرم أكل ما فيها لا لنجاسته، بل لحرمته، وخالفه في الروضة فقال: المختار أنه لا يحرم لاستهلاكه. (ولا يقطع) شخص على جهة الكراهة كما في الروضة (بعض سمكة حية) أو جرادة حية، وإنما لم يحرم كما قيل، لأن عيشه عيش مذبوح، كما يكره قلبه حيا في الزيت المغلي لما ذكر (فإن فعل) أي قطع بعض ما ذكر وبلع ذلك المقطوع (أو بلع) - بكسر اللام - في الأشهر (سمكة) أو جرادة (حية حل) ما ذكر (في الأصح) أما في الأولى فلان المبان كالميتة، وميتة هذا الحيوان حلال، وأما في الثانية فلانه ليس فيه أكثر من قتلها وهو جائز. والثاني لا يحل المقطوع كما في غير السمك والجراد، ولا المبلوع لما في جوفه، وعلى الأول يكره ذلك على الخلاف المذكور.
تنبيهات: أحدها محل الخلاف في الأولى إنما هو في القدر الذي أبين مع بقاء حياة السمكة أو الجرادة، أما لو قطع ولم يبق في الباقي حياة حل قطعا. ومحله في الثانية إذا لم يكن حاجة، فإن مست الحاجة إليه للتداوي جاز قطعا كما دل عليه كلام الرافعي: ثانيها: لو أكل مشوي صغار السمك بروثه حل وعفى عن روثه لعسر تتبعه، وأما كباره فلا يجوز أكل الروث معه لفقد العلة المذكورة. ثالثها: قول المصنف حية قد يفهم أنه يجوز في الميتة بلا خلاف وليس مرادا، بل إن كانت كبيرة امتنع لعدم العفو عن نجاسة روثها بخلاف ما إذا كانت صغيرة كما يؤخذ من المسألة المارة. وصرح به ابن شهبة في الكبيرة، والزركشي في الصغيرة. (وإذا) رمى بسهم (صيدا متوحشا أو) رمى (بعيرا) إنسيا توحش كأن (ند) - بفتح النون أوله - أي ذهب على وجهه شاردا (أو) رمى (شاة) إنسية توحشت كأن (شردت بسهم) فيه نصل أوله حد، أو بسيف أو رمح أو نحوه (أو أرسل عليه) أي الصيد (جارحة) من سباع أو طيور (فأصاب شيئا من بدنه) حلقا أو لبة أو غير ذلك (ومات في الحال حل) في الجميع. أما في المتوحش فبالاجماع كما حكاه ابن الصلاح وغيره، وأما في البعير الناد فلما في الصحيحين عن رافع بن خديج أن بعيرا ند فرماه رجل بسهم فحبسه: أي قتله فقال (ص):
إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا وقيس بما فيه غيره. وخرج بقوله:
ومات في الحال ما لو أدركه وفيه حياة مستقرة وأمكنه ذبحه ولم يذبحه فإنه لا يحل كما سيأتي.
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548