مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤١٦
النصراني في الاحد، أما إذا ادعاه الخصم إلى حاكم من غير رفع فقال الإمام: لا يلزمه الحضور، بل الواجب أداء الحق إن كان عليه. وفي الحاوي والمهذب والبيان الحضور مطلقا لظاهر قوله تعالى: * (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله) * الآية. وحمل ابن أبي الدم الأول على ما إذا قال: لي عليك كذا فاحضر معي إلى الحاكم، فلا يلزمه الحضور وإنما عليه وفاء الدين، والثاني على ما إذا قال: بيني وبينك محاكمة ولم يعلمه بها ليخرج عنها فيلزمه الحضور اه‍. وكلام الإمام أظهر. ويحضر القاضي الخصم المطلوب إحضاره لمجلس الحكم، (بدفع ختم) أي مختوم (طين رطب أو غيره) للمدعي بعرضه على الخصم، وليكن نقش الختم: أجب القاضي فلانا، وكان هذا أولا عادة قضاء السلف، ثم هجر واعتاد الناس الآن الكتابة في الكاغد، وهو أولى. (أو) أحضره إن لم يجب بما مر (بمرتب لذلك) من الأعوان بباب القاضي يسمون في زماننا بالرسل صيانة للحقوق، ومؤنة العون على الطالب إن لم يرزق من بيت المال.
تنبيه: ظاهر كلامه التخيير بينهما وليس مرادا، ولذا قدرت في كلامه: إن لم يجب بما مر، ففي تعليق الشيخ أبي حامد أنه يرسل الختم أولا، فإن لم يحضر بعث إليه العون. قال البلقيني: وفيه مصلحة لأن الطالب قد يتضرر بأخذ أجرته منه، أي فإن أجرة العون عليه إن لم يرزق من بيت المال كما مر. نعم ينبغي كما قال شيخنا أن يكون مؤنة من أحضره عند امتناعه الحضور يبعث الختم على المطلوب أخذا مما يأتي، وفي الحاوي للقاضي أن يجمع بين ختم الطين والمرتب إن أدى اجتهاده من إليه من قوة الخصم وضعفه. (فإن امتنع) المطلوب من الحضور (بلا عذر) أو سوء أدب بكسر الختم ونحوه، ولو بقول العون الثقة، (أحضره) وجوبا (بأعوان السلطان) وعليه حينئذ مؤنتهم لامتناعهم. (وعزره) بما يراه ممن ضرب أو حبس أو غيره. وله العفو عن تعزيره إن رآه، فإن اختفى نودي بإذن القاضي على باب داره أنه إن لم يحضر إلى ثلاثة أيام سمر بابه أو ختم عليه، فإن لم يحضر بعد الثلاث وطلب الختم سمره أو ختمه إجابة إليه إن تقر عنده أنها داره، ولا يرفع المسمار ولا الختم إلا بعد فراغ الحكم. والظاهر كما قال الأذرعي أن محل التسمير أو الختم إذا كان لا يأويها غيره، وإلا فلا سبيل إلى ذلك ولا إلى إخراج من فيها. فإن عرف موضعه بعث إليه النساء ثم الصبيان ثم الخصيان يهاجمون الدار ويفتشون عليه ثم يبعث معهم عدلين كما قاله ابن القاص وغيره، فإذا دخلوا الدار وقف الرجال في الصحن وأخذ غيرهم في التفتيش. قالوا: ولا هجوم في الحدود إلا في حد قاطع الطريق. قال الماوردي: وإذا تعذر حضور بعد هذه الأحوال حكم القاضي بالبينة. وهل يجعل امتناعه كالنكول في رده اليمين؟
الأشبه نعم، لكن لا يحكم عليه بذلك إلا بعد إعادة النداء على بابه ثانيا بأنه يحكم عليه بالنكول، فإذا امتنع من الحضور بعد النداء الثاني حكم بنكوله. وإن امتنع من الحضور لعذر كخوف ظالم أو حبسه أو مرض بعث إليه نائبه ليحكم بينه وبين خصمه، أو وكل المعذور من يخاصم عنه، ويبعث القاضي إليه من يحلفه إن وجب تحليفه. قال في المهمات: ويظهر أن هذا في غير معروف النسب. أو لم يكن عليه بينة، وإلا سمع الدعوى والبينة وحكم عليه لأن المرض كالغيبة في سماع شهادة الفرع فكذا في الحكم عليه، قال: وقد صرح بذلك البغوي. (أو) كان الاستعداء على (غائب في غير) محل (ولايته) أي القاضي، (فليس له إحضاره) لأنه لا ولاية له عليه، ولو استحضره لم يلزمه إجابته، بل يسمع الدعوى والبينة ثم إن شاء أنهى السماع وإن شاء حكم بعد تحليف المدعي على ما سبق وإن كانت في مسافة قريبة كما مر عن الماوردي. (أو) على غائب (فيها) أي في محل ولايته (وله هناك نائب لم يحضره) القاضي لما في إحضاره من المشقة مع وجود الحاكم هناك، (بل يسمع بينة) عليه بذلك (ويكتب) بسماعها (إليها) أي نائبه ليحكم بها لامكان الفصل بهذا الطريق فلا يكلف الحضور.
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548