مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٢
عليه بنفسه، ثالثها إذا كان المستحق مضطرا فله قتله قصاصا وأكله، قال الرافعي في بابه. (فإن استقل) مستحق القصاص بالاستيفاء في غير ما استثنى اعتد به، لأنه استوفى حقه، و (عزر) لافتياته على الإمام، ويؤخذ من ذلك أنه إذا كان جاهلا بالمنع أنه لا يعزر، وهو ظاهر كما بحثه الزركشي لأنه مما يخفى. ولو قتل الجاني بكال ولم تكن الجناية بمثله، أو بمسموم كذلك عزر، وإن استوفى طرفا بمسموم فمات لزمه نصف الدية من ماله، فإن كان السم موحيا لزمه القصاص (ويأذن) الإمام أو من ذكر معه (لأهل) من مستحقي القصاص في استيفائه بنفسه (في نفس) إذا طلب ذلك ليكمل له التشفي، واحترز بالأهل عن غيره كالشيخ والزمن والمرأة، فإن الإمام يأمره أن يستنيب لما في استيفائه بنفسه من التعذيب، وعما إذا قتل ذمي ذميا ثم أسلم القاتل فإنه لا يمكن الوارث الذمي من القصاص، فإنه غير أهل في الاستيفاء من مسلم لئلا يتسلط كافر على مسلم ويأذن له في الاستنابة، ويؤخذ من ذلك أنه لا يصح أن يوكل المسلم ذميا في الاستيفاء من مسلم، وبه صرح الرافعي في كتاب البغاة، وألحق به الشيخ عز الدين عدو الجاني لما يخشى منه من الحيف، و (لا) يأذن لأهل (في طرف في الأصح) المنصوص لأنه لا يؤمن منه الحيف بترديد الآلة مثلا فيسري أو يزيد في التعذيب، والثاني يأذن له كالنفس لأن إبانة الطرف مضبوطة، ولا يأذن أيضا في حد قذف، فإن تفاوت الضربات كثير، وهو حريص على المبالغة، فلو فعل لم يجز كما في التعزير.
تنبيه: سكت المصنف عن المنافع وحكمها حكم الطرف، فإذا قلع عينه لم يمكن من الاستيفاء بالقلع، بل يؤمر بالتوكيل فيه كما ذكره في التنبيه وأقره المصنف عليه في التصحيح (فإن أذن) من مر لأهل في الاستيفاء (في ضرب رقبة فأصاب غيرها) كأن ضرب كتفه (عمدا) بأن اعترف به (عزر) لتعديه (ولم يعزله) الإمام في الأصح لوجود الأهلية وإن تعدى بفعله، وقيل يعزله، لأنه لا يؤمن أن يتعدى ثانيا (ولو قال: أخطأت وأمكن) الخطأ عادة كأن ضرب رأسه مما يلي الرقبة (عزله) لأن حاله يشعر بعجزه فلا يؤمن أن يخطئ ثانيا (ولم يعزر) بضم أوله إن حلف أنه أخطأ لعدم تعديه، واحترز بأمكن عما إذا ادعى الخطأ فيما لا يقع الخطأ بمثله كما إذا ضرب رجله أو وسطه فإنه يلتحق بالعمد.
تنبيه: ما أطلقه المصنف من العزل مخصوص كما قال الإمام بمن لم تعرف مهارته في ضرب الرقاب. أما هو فلا يعزل لخطأ اتفق له (وأجرة الجلاد) في الحدود والقصاص، وهو المنصوب لاستيفائهما، وصف بأغلب أوصافه، ولو عبر بالمقتص لكان أولى، لأن الكلام في استيفاء القصاص لا في جلد محدود (على الجاني) الموسر (على الصحيح) المنصوص إن لم ينصب الإمام جلادا ويرزقه من مال المصالح لأنها مؤونة حق لزمه أداؤه كأجرة كيال المبيع على البائع ووزن الثمن على المشتري، فإن نصبه فلا أجرة على الجاني وإن كان معسرا اقترض له الإمام على بيت المال أو استأجره بأجرة مؤجلة، أي على بيت المال أيضا أو سخر من يقوم به على ما يراه والثاني هي في الحد في بيت المال وفي القصاص على المقتص، والواجب حينئذ على الجاني التمكين.
تنبيه: قد يفهم كلام المصنف أنه لو قال الجاني: أنا أقتص من نفسي ولا أؤدي الأجرة لا يجاب، وهو الأصح لفقد التشفي، فإن أجيب وفعل أجزأ في أصح الوجهين كما قاله الأذرعي لحصول الزهوق وإزالة الطرف بخلاف الجلد لا يجزئ لأنه قد لا يؤلم نفسه ويوهم الايلام، فلا يتحقق حصول المقصود، ولو أذن الإمام للسارق في قطع يده جاز وإن قال الدميري: الصحيح أنه لا يمكن من قطع يد نفسه فقد نسب للسهو، ويجزئ عن الحد وإن خالف الرافعي في الباب الثاني من أبواب الوكالة، لأن الغرض منه التنكيل، وهو يحصل بذلك بخلاف الزاني، والقاذف لا يجوز فيه ذلك ولا يجزئ لما مر. (ويقتص) المستحق (على الفور) أي يجوز له ذلك في النفس جزما وفي الطرف على
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548