مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٩٥
كفارة ولا قيمة ولا إثم لأنه مأمور بدفعه، وفي الامر بالقتال والضمان منافاة، حتى لو صال العبد المغصوب أو المستعار على مالكه فقتله دفعا لم يبرأ الغاصب ولا المستعير. ويستثنى من عدم الضمان المضطر إذا قتله صاحب الطعام دفعا فإن عليه القود، قاله الذبيلي في أدب القضاء.
تنبيه: دخل في كلامهم ما لو صالت حامل على إنسان فدفعها فألقت جنينها ميتا فالأصح لا يضمنه، وقاسه القاضي على ما إذا تترس الكفار حال القتال بمسلم، واضطر المسلمون إلى قتله. (ولا يجب الدفع عن مال) لا روح فيه لأنه يجوز إباحته للغير قال الأذرعي: والظاهر أن هذا في الآحاد، فأما الإمام ونوابه فيجب عليهم الدفع عن أموال رعاياهم وكذا إن كان ماله وتعلق به حق الغير كرهن وإجارة. قال الغزالي: وإن كان مال محجور عليه أو وقف أو مالا مودعا وجب على من هو بيده الدفع عنه اه‍. أما ما فيه روح فيجب الدفع عنه إذا قصد إتلافه ما لم يخش على نفسه أو بضع لحرمة الروح حتى لو رأى أجنبي شخصا يتلف حيوان نفسه إتلافا محرما وجب عليه دفعه على الأصح في أصل الروضة (ويجب) الدفع (عن بضع) لأنه لا سبيل إلى إباحته، وسواء بضع أهله أو غيره، ومثل البضع مقدماته ومحل ذلك إذا لم يخف على نفسه كما قاله البغوي والمتولي (وكذا نفس) للشخص يجب الدفع عنها إذا (قصدها كافر) ولو معصوما، إذ غير المعصوم لا حرمة له والمعصوم بطلت حرمته بصياله، ولان الاستسلام للكافر ذل في الدين، ومقتضى هذه العلة جواز استسلام الكافر للكافر وبحثه الزركشي.
تنبيه: محل ممنع جواز استسلام المسلم للكافر إذا لم يجوز الأسر، فإن جوزه لم يحرم كما سيأتي إن شاء الله تعالى في السير. (أو) قصدها (بهيمة) لأنها تذبح لاستيفاء الآدمي، فلا وجه للاستسلام لها، وظاهر أن عضوه ومنفعته كنفسه (لا) إن قصدها (مسلم) ولو مجنونا ومراهقا أو أمكن دفعه بغير قتله فلا يجب دفعه (في الأظهر) بل يجوز الاستسلام له، بل يسن كما أفهمه كلام الروضة لخبر أبي داود: كن خير ابني آدم يعني قابيل وهابيل، ولمنع عثمان رضي الله تعالى عنه عبيده وكانوا أربعمائة يوم الدار، وقال: من ألقى سلاحه فهو حر، واشتهر ذلك في الصحابة رضي الله تعالى عنهم ولم ينكر عليه أحد. والثاني يجب، لقوله تعالى * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * وكما يجب عليه إصانة نفسه بأكل ما يجده، وأجاب الأول بأن في القتل شهادة بخلاف ترك الأكل.
تنبيه: محل ذلك في المحقون الدم كما قيده القاضي الحسين والإمام والغزالي والبلقيني، ليخرج المهدر كالزاني المحصن وتارك الصلاة، ومن تحتم قتله في قطع الطريق، فإن حكمهم حكم الكافر كما صرح به في الترغيب. قال الأذرعي: ويظهر الدفع عن العضو عند ظن السلامة لأنه ليس هنا شهادة، وكذلك يجب عن النفس إذا أمكن عند غلبة الظن بأنه يحصل بقتله مفاسد في الحريم والأطفال اه‍. وهو بحث حسن. (والدفع عن) نفس (غيره) إذا كان آدميا محترما ولو رقيقا (كهو عن نفسه) فيجب حيث يجب وينتفي حيث ينتفي إذ لا يزيد حق غيره على حق نفسه. وقد أكثر المصنف في المتن من جر ضمير الغائب بالكاف وهو قليل.
تنبيه: محل الوجوب إذا أمن الهلاك كما صرح به في أصل الروضة إذ لا يلزمه أن يجعل روحه بدلا عن روح غيره، وقول البلقيني: نعم إن كان في قتال الحربيين أو المرتدين فلا يسقط الوجوب بالخوف ظاهر، إذا كان في الصف وكانوا مثليه فأقل وإلا فلا، ولا يلزم العبد الدفع عن سيده عند الخوف على نفسه، بل السيد في ذلك كالأجنبي، حكاه الرافعي عن الإمام، ويؤخذ منه كما قال الزركشي: أنه لا يلزم الابن الدفع عن أبيه أيضا. قال: ولم يتعرضوا له، أي لوضوحه. أما لو صال شخص على غير محترم حربي فلا يجب على المسلم دفعه عنه، وإن وجب الدفع عن نفسه لعدم احترامه. (وقيل يجب) الدفع عن غيره (قطعا) لأن له الايثار بحق نفسه دون غيره، وبه جزم البغوي وغيره، وفي مسند أحمد: من أذل عنده مسلم فلم ينصره وهو قادر أن ينصره أذله الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548