مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٣٦
تنبيه: لو قال أو نفى مشروعية مجمع عليه لشمل إنكار المجمع على ندبه، فقد صرح البغوي في تعليقه بتكفير من أنكر مجمعا على مشروعيته من السنن كالرواتب وصلاة العيدين، وهو لأجل تكذيب التواتر، ويتعين فيما ذكر أن يكون الحكم المجمع عليه معلوما من الدين بالضرورة وإن لم يكن فيه نص، بخلاف ما لا يعرفه إلا الخواص وإن كان فيه نص كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب، وتحريم نكاح المعتدة فلا يكفر منكره للعذر بل يعرف الصواب ليعتقده، وظاهر هذا أنه لو كان يعرفه أنه يكفر إذا جحده، وظاهر كلامهم أولا أنه لا بد أن يعرفه الخاص والعام، وإلا فلا يكفر، وهذا هو الظاهر وأن يكون المحلل والمحرم والنافي والمثبت ممن لا يجوز خفاؤه عليه بخلاف غيره كمن قرب عهده بالاسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء. (أو عزم على الكفر غدا) مثلا أو علقه على شئ (أو تردد فيه) حالا بطريان شك بناقض جزم النية بالاسلام، وهذا وارد على الحد كما مر، إذ لا قطع فيه (كفر) جواب لجميع ما مر من المسائل المذكورة، فإن لم يناقض جزم النية به كالذي يجري في الكن فهو مما يبتلى به الموسوس ولا اعتبار به كما قاله الإمام، واحترز المصنف: بكذب رسولا عما لو كذب عليه فإنه لا يكفر خلافا للشيخ أبي محمد فإنه قال: يكفر بذلك ويراق دمه. قال الإمام: وهذه زلة، ولم أر ما قاله لاحد من الأصحاب والصواب أنه يعزر ولا يقتل ولا يكفر.
(والفعل المكفر ما تعمده) صاحبه (استهزاء صريحا بالدين أو جحودا له كإلقاء مصحف) وهو اسم للمكتوب من كلام الله بين الدفتين (بقاذورة) بذال معجمة لأنه صريح في الاستخفاف بكلام الله تعالى والاستخفاف بالكلام استخفاف بالمتكلم، ويلتحق بالمصحف كتب الحديث. قال الروياني: أو أوراق العلوم الشرعية (وسجود لصنم) قال ابن المقري في هذا وفي إلقاء المصحف: إن فعل ذلك استخفافا أي على وجه يدل على الاستخفاف وكأنه كما قال شيخنا احترز به في سجود الصنم عما لو سجد بدار الحرب فلا يكفر كما نقله القاضي عن النص وإن زعم الزركشي أن المشهور خلافه، وفي إلقاء المصحف عما لو ألقاه في قذر خيفة أخذ الكافر له، إذ الظاهر أنه لا يكفر به وإن حرم عليه (أو) سجود (شمس) أو غيرها من المخلوقات، وكذا السحر الذي فيه عبادة كوكب لأنه أثبت لله شريكا.
تنبيه: يكفر من نسب الأمة إلى الضلال أو الصحابة إلى الكفر أو أنكر إعجاز القرآن أو غير شيئا منه أو أنكر الدلالة على الله في خلق السماوات والأرض بأن قال: ليس في خلقهما دلالة عليه تعالى، أو أنكر بعث الموتى من قبورهم بأن يجمع أجزاءهم الأصلية ويعيد الأرواح إليها أو أنكر الجنة أو النار أو الحساب أو الثواب أو العقاب أو أقر بها لكن قال: المراد بها غير معانيها، أو قال: إني دخلت الجنة وأكلت من ثمارها وعانقت حورها، أو قال: الأئمة أفضل من الأنبياء، هذا إن علم معنى ما قاله لا إن جهل ذلك لقرب إسلامه أو بعده عن المسلمين فلا يكفر لعذره كما مر، ولا إن قال مسلم لمسلم: سلبه الله الايمان، أو لكافر: لا رزقه الله الايمان لأنه مجرد دعاه بتشديد الامر والعقوبة عليه، ولا إن دخل دار الحرب وشرب معهم الخمر وأكل لحم الخنزير، ولا إن قال الطالب ليمين خصمه وقد أراد الخصم أن يحلف بالله تعالى: لا أريد الحلف به بل بالطلاق أو العتاق، ولا إن قال: رؤيتي إياك كرؤية ملك الموت، ولا إن قرأ القرآن على ضرب الدف أو القصب، أو قيل له تعلم الغيب؟ فقال: نعم، أو خرج لسفر فصاح العقعق فرجع، ولا إن صلى بغير وضوء متعمدا بنجس أو إلى غير القبلة ولم يستحل ذلك، ولا إن تمنى حل ما كان حلالا في زمن قبل تحريمه كأن تمنى أن لا يحرم الله الخمر أو المناكحة بين الأخ والأخت أو الظلم أو الزنا أو قتل النفس بغير حق، ولا إن شد الزنار على وسطه أو وضع قلنسوة المجوس على رأسه أو شد على وسطه زنارا أو دخل دار الحرب للتجارة أو لتخليص الأسارى، ولا إن قال: النصرانية خير من المجوسية أو المجوسية شر من النصرانية، ولا إن قال: لو أعطاني الله الجنة ما دخلتها. صرح بذلك كله في الروضة، وفيها أيضا لو قال: فلان في عيني كاليهودي والنصراني في عين الله أو بين يدي الله، فمنهم من قال كفر، ومنهم من قال إن أراد الجارحة كفر، وإلا فلا. قال الأذرعي: والظاهر أنه لا يكفر مطلقا
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548