مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٩٣
بخلاف ما لو اتخذت للجيران أو للعلماء وهو فيهم. ولا يضيف أحد الخصمين دون الآخر. ولا يلحق فيما ذكر المفتي والواعظ ومعلم القرآن والعلم، إذ ليس لهم أهلية الالزام. وللقاضي أن يشفع لاحد الخصمين ويزن عنه ما عليه، لأنه ينفعهما. وأن يعود المرضى، ويشهد الجنائز، ويزور القادمين ولو كانوا متخاصمين، لأن ذلك قربة. قال في أصل الروضة: فإن لم يمكنه التعميم أتى بممكن كل نوع وخص من عرفه وقرب منه. وفرقوا بينها وبين الولائم إذا كثرت بأن أظهر الأغراض فيها الثواب لا الاكرام، وفي الولائم العكس. وشهادة الزور من أكبر الكبائر، وإنما تثبت بإقرار الشاهد، أو بتيقن القاضي منه بأن شهد على رجل أنه زنى يوم كذا في بلد كذا وقد رآه القاضي ذلك اليوم في غيره فيعزره بما يراه ويشهره. ولا تكفي إقامة البينة بأنه شهد زورا لاحتمال زورها، وإنما يتصور إقامتها بالاقرار به. ثم شرع في موانع حكم القاضي بقوله: (ولا ينفذ حكمه لنفسه) لأنه من خصائصه (ص). نعم يجوز له تعزير من أساء الأدب عليه فيما يتعلق بأحكامه كقوله: حكمت بالجور ونحو ذلك، واستثنى البلقيني صورا تتضمن حكمه فيها لنفسه وينفذ، الأولى: أن يحكم لمحجوره بالوصية على الأصح في أصل الروضة، وأن يضمن استيلاءه على المال المحكوم به وتصرفه فيه، وفي معناه حكمه على من في جهته مال لوقف تحت نظره بطريق الحكم. الثانية: الأوقاف التي شرط النظر فيها للحاكم أو صار فيها النظر إليه بطريق العموم، لانقراض ناظرها الخاص له الحكم بصحتها وموجبها وإن تضمن الحكم لنفسه في الاستيلاء أو التصرف. الثالثة: للإمام الحكم بانتقال ملك إلى بيت المال وإن كان فيه استيلاؤه عليه بجهة الإمامة، وللقاضي الحكم به أيضا وإن كان يصرف إليه من جامكيته ونحوها. (و) لا (رقيقه) بالجر، أي لا يحكم له في تعزير أو قصاص أو مال للتهمة. واستثنى البلقيني منه أيضا صورا، أولاها: حكمه لرقيقه بجناية عليه قبل رقه بأن جنى ملتزم على ذمي ثم نقض المجني عليه العهد والتحق بدار الحرب واسترق، قال: ولم أر من تعرض لذلك، قال: ويوقف المال إلى عتقه، فإن مات رقيقا فالأظهر أنه فئ ثانيها: العبد الموصى بإعتاقه الخارج من الثلث إذا قلنا إن كسبه له دون الوارث وكان الوارث حاكما فله الحكم بطريقه. ثالثها: العبد المنذور إعتاقه. (و) لا (شريكه) يحكم له (في) المال (المشترط) بينهما للتهمة. قال البلقيني: ويستثنى من ذلك ما إذا حكم بشاهد ويمين الشريك فإنه يجوز، لأن المنصوص أنه لا يشاركه في هذه الصورة، قال: ولم أر من تعرض لذلك. (وكذا أصله وفرعه) لا ينفذ حكمه لكل منهم (على الصحيح) لأنهم أبعاضه فيشبه قضاؤه لهم قضاءه لنفسه، ورقيق أصله وفرعه كأصله وفرعه ورقيق أحدهما في المشترك كذلك. والثاني: ينفذ حكمه لهم بالبينة، لأن القاضي أسير البينة فلا تظهر منه تهمة. ويؤخذ من ذلك أن محل الخلاف عند إقامة البينة أما قضاؤه بالعلم فلا ينفذ قطعا. واحترز بالحكم لمن ذكر عن الحكم عليهم فإنه ينفذ عليهم. قال الماوردي: ولو حكم على نفسه وآخذناه به هل هو إقرار أو حكم؟ وجهان، أوجههما كما قال شيخنا الثاني. ولو حكم لولده على ولده أو لاصله على فرعه أو عكسه لم يصح كما يؤخذ مما مر. وهل يجوز للابن أن ينفذ حكم أبيه؟ وجهان حكاهما شريح الروياني، قال: وقيل يجوز قولا واحدا، لأن لا تهمة فيه اه‍. ويظهر الجواز لما ذكر. وفي جواز حكمه بشهادة ابن له لم يعدله شاهدان وجهان، أحدهما: نعم، لأن المقصود الخصم لا الشاهد.
والثاني: لا، قال ابن الرفعة: وهو الأرجح في البحر وغيره لأنه لا يتضمن تعديله، فإن عدله شاهدان حكم بشهادته.
وكابنه في ذلك سائر أبعاضه. (ويحكم له) أي القاضي (ولهؤلاء) المذكورين معه حيث لكل منهم خصومة (الإمام أو قاض آخر) مستقل، سواء أكان معه في بلده أم في بلدة أخرى لانتفاء التهمة. (وكذا نائبه) يحكم له (على الصحيح) كبقية الحكم. والثاني: لا، للتهمة.
تنبيه: قد يوهم اقتصار المصنف على منع الحكم لمن ذكر جوازه على العدو، وهو وجه اختار الماوردي، والمشهور في المذهب أنه لا يجوز حكمه عليه، ويجوز أن يحكم له. (وإذا أقر المدعى عليه) عند القاضي بالمدعى به
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548