مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٧٤
فأوقفني في القضاء القضاء وما كنت قدما تمنيته وقال آخر: فيا ليتني لم أكن قاضيا ويا ليتها كانت القاضية تنبيه: قول المصنف: وله القبول يقتضي جوازه وإن خاف على نفسه اتباع الهوى، وقال الإمام والرافعي:
ينبغي أن يحترز، فإن أهم الغنائم حفظ السلامة اه‍. وقضيته منع الاقدام حينئذ وهو الظاهر، بل قطع في الذخائر بوجوب الامتناع. (ويندب) له (الطلب) للقضاء (إن كان خاملا) أي غير مشهور بين الناس، (يرجو به) أي القضاء (نشر العلم) لتحصل المنفعة بنشره إذا عرفه الناس، (أو) لم يكن خاملا، لكن كان (محتاجا إلى الرزق) فإذا ولي حصل له كفايته من بيت المال بسبب هو طاعة لما في العدل من جزيل الثواب، وفي هذا إشعار على أنه يجوز أخذ الرزق على القضاء، وسيأتي إيضاح ذلك.
تنبيه: يندب الطلب أيضا إذا كانت الحقوق مضاعة لجور أو عجز، أو فسدت الأحكام بتولية جاهل، فيقصد بالطلب تدارك ذلك. وقد أخبر الله تعالى عن نبيه يوسف صلوات الله وسلامه عليه أنه طلب، فقال: * (اجعلني على خزائن الأرض) * وإنما طلب ذلك شفقة على خلق الله لا منفعة نفسه. (وإلا) بأن لم يكن خاملا بل مشهورا ولا محتاجا للرزق بل مكفيا به، (فالأولى) له (تركه) أي طلب القضاء لما فيه من الخطر من غير حاجة، وينشر العلم والفتيا. (قلت) كما قال الرافعي في الشرح: (ويكره) له حينئذ الطلب (على الصحيح) وكذا قبول التولية أيضا (والله أعلم) لأنه ورد فيه نهي مخصوص، وعليه حملت الأخبار الواردة في التحذير وامتناع السلف منه. والثاني: لا كراهة في طلب ولا قبول، بل هما خلاف الأولى.
تنبيه: أهمل المصنف من أقسام الطلب التحريم، قال الماوردي: كما إذا قصد انتقاما من الأعداء أو اكتسابا بالارتشاء. وجعل من المكروه طلبه للمباهاة والاستعلاء، ونوزع في ذلك. وجرى بعضهم على الحرمة للأحاديث الدالة عليه وهو ظاهر. وهذا التفصيل إذا لم يكن هناك قاض مولى، فإن كان نظر، فإن كان غير مستحق القضاء فكالمعدوم.
وإن كان مستحقا له فطلب عزله حرام ولو كان دون الطالب، وتبطل بذلك عدالة الطالب، فإن عزل وولي الطالب نفذ حكمه عند الضرورة، أما عند تمهد الأصول الشرعية فلا ينفذ. وهذا في الطلب بلا بذل مال، فإن كان نظر إن تعين على الباذل القضاء أو كان ممن يسن له جاز له بذل المال، ولكن الآخذ ظالم بالأخذ. وهذا كما إذا تعذر الامر بالمعروف إلا ببذل مال، فإن لم يتعين ولم يسن طلبه لم يجز بذل المال ليولى، ويجوز له البذل بعد التولية لئلا يعزل، والآخذ ظالم بالأخذ، ووقع في الروضة أنه يجوز له بذله ليولى ونسب إلى الغلط. وأما بذل المال لعزل قاض لم يكن متصفا بصفة القضاء فمستحب لما فيه من تخليص الناس منه، ولكن آخذه ظالم بالأخذ، وإن كان بصفة القضاء فهو حرام. فإن عزله وولى الباذل نفذ عند الضرورة كما مر، أما عند تمهد الأصول الشرعية فتوليته باطلة والمعزول على قضائه، لأن العزل بالرشوة حرام، وتولية المرتشي للراشي حرام. (والاعتبار في التعيين) للقضاء (وعدمه) ببلدة (بالناحية) وكذا في وجوب الطلب والقبول وعدمه، فلا يجب على من تعين عليه القضاء طلب ولا قبول له في غير ناحيته لما في فيه من الهجرة وترك الوطن. وفارق سائر فروض الكفايات بأنه يمكنه القيام بها والعود إلى الوطن والقضاء لا غاية له مع قيام حاجة بلد المعين إليه. وظاهر كلام أصل الروضة أنه لو كان بناحية صالحان وولي أحدهما لم يجب على الآخر ذلك في ناحية ليس بها صالح، وهو كذلك لما ذكر خلافا للبلقيني ومن تبعه في الوجوب عليه.
تنبيه: حكم المقلد الآن حكم المجتهدين في الأصلح وعدمه كما قاله بعض المتأخرين ويؤيده قول الغزالي في الوسيط: المقلد إذا بلغ رتبة الاجتهاد في المذهب وجب تقديمه على من لم يبلغها، فقد اعتبر - أعني المقلدين - وإن كان
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548