مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٧٩
كالبينة. وفرق الأول بأن البينة قد لا تساعده ولا تحضر واليمين إليه. وهل هذا الامهال واجب أو مندوب؟ وجهان، والظاهر الأول. (وإن استمهل المدعى عليه حين استحلف لينظر حسابه لم يمهل) إلا برضا المدعي، لأنه مقهور على الاقرار واليمين، بخلاف المدعي فإنه مختار في طلب حقه وتأخيره. (وقيل) يمهل (ثلاثة) من الأيام كالمدعي، واختاره الروياني. واحترز المصنف بقوله: لينظر حسابه عما لو استمهل ليقيم بينة على دافع من أداء أو إبراء فإنه يمهل ثلاثة كما سبق أول الباب. (ولو استمهل) المدعى عليه، أي طلب الامهال (في ابتداء الجواب) ليراجع حسابه ونحوه، (أمهل إلى آخر المجلس). قال في الروضة: إن شاء المدعي. وقال ابن المقرى في روضه تبعا للطاوسي في التعليقة على الحاوي والبارزي: إن شاء القاضي، وهو ظاهر كلام الرافعي. وهذا أولى، لأن المدعي له الترك بالكلية ثم يحلف بلا تجديد دعوى، كما لو حضر موكل المدعي بعد نكول الخصم له أن يحلف بلا تجديد دعوى، ونكول المدعي مع شاهده كنكوله عن المردودة، فإن قال للمدعى عليه احلف سقط حقه من اليمين فلا ينفعه إلا ببينة كاملة كما قاله الإمام، واقتضى كلام الرافعي ترجيحه. ثم أشار المصنف لمسائل تستثنى كما قال ابن القاص من القضاء بالنكول عن اليمين فقال:
(ومن طولب بزكاة) في مال نعم أوجب أو تمر، (فادعى دفعها إلى ساع آخر، أو) لم يدع دفعها، بل (ادعى غلط خارص) بعد التزامه القدر الواجب (وألزمناه اليمين) على الوجه المرجوح في المسألتين، (فنكل وتعذر رد اليمين) بأن لم ينحصر المستحقون في البلد ولا رد على الساعي والسلطان، (فالأصح أنها تؤخذ منه) لأن مقتضى ملك النصاب ومضى الحول الوجوب، فإذا لم يأت بدافع أخذ الزكاة منه بمقتضى الأصل، وليس هذا حكما بالنكول خلافا لابن القاص. والثاني:
لا، إن لم تقم عليه حجة، فإن أحضر المستحقون ومنعنا نقلها وهو الأظهر لم يتعذر رد اليمين. أما إذا قلنا باستحباب اليمين وهو الأصح المتقدم في باب زكاة النبات فإنه لا يطالب بشئ.
تنبيه: كل حق يجب لله تعالى له حكم الزكاة كما نقله الزركشي عن ابن القاص، قال: ومنه ما لو ادعى ولد المرتزقة البلوغ بالانزال ورام إثبات اسمه في الديوان فالأصح تحليفه، فإن نكل لم يعط، وقال ابن القاص: وهو قضاء بالنكول، وقال غيره: لا، وهو الراجح كما مر، لأن حجته اليمين ولم توجد. ولو عدل المصنف عن مثال الزكاة إلى مثال الجزية، وهو فيما إذا قال: أسلمت قبل تمام السنة وقال العامل: بعد تمامها لكان التفريع فيه جاريا على الأصح، فإن الأصح أنه يحلف إيجابا وأنه إذا نكل يقضى عليه بالجزية. ولو مات من لا وارث له ثم ادعى القاضي أو منصوبه دينا له على إنسان وجده في تذكرته فأنكر الخصم ونكل عن اليمين فهل يقضى عليه بالنكول ويؤخذ منه أو يحبس حتى يقر أو يحلف أو يترك؟ أوجه، أصحها في الروضة الثاني، وهكذا في الدعوى للمسجد أو في وقف عام إذا نكل المدعى عليه عن اليمين. ثم أشار لما يستثنى من رد اليمين على المدعي بقوله: (ولو ادعى ولي صبي) أو مجنون (دينا) مثلا (له) على إنسان (فأنكر ونكل) عن الحلف، (لم يحلف الولي) لأن إثبات الحق لغير الحالف بعيد فيكتب القاضي بما جرى محضر أو يوقف الامر إلى البلوغ أو الإفاقة. (وقيل يحلف) مطلقا لم يبلغ الصبي أو يفيق المجنون، لأنه المستوفى. (وقيل: إن ادعى مباشرة سببه) أي ادعى ثبوته بسبب باشره كما عبر به في المحرر، (حلف) لأن العهد يتعلق به، وإلا فلا. قال في المهمات: والفتوى على هذا فقد نص عليه في الإمام اه‍. ولعله أخذه من مسألة الصداق المتقدمة في بابه، وهي ما لو اختلف في قدره زوج وولي صغيرة أو مجنونة فإنهما يتحالفان، وقد قدمنا الفرق هناك فيراجع. ويجري الخلاف فيما لو أقام الولي شاهدا هل يحلف معه؟ وفيما لو ادعى عليه دين في ذمة الصبي
(٤٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548