مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٧٦
بقوله: (و) كل (من توجهت) أي وجبت (عليه يمين) بأن ألزم بها في دعوى صحيحة (لو أقر بمطلوبها) أي الدعوى (لزمه) ذلك المطلوب (فأنكر حلف) بضم أوله بخطه، لخبر: البينة على المدعي واليمين على المنكر رواه البيهقي، وفي الصحيحين خبر: اليمين على المدعى عليه.
تنبيه: قوله: يمين وقع في نسخة المصنف ونسب لسبق القلم، وصوابه دعوى كما في المحرر والشرحين والروضة.
وقوله: فأنكر بين ذلك، لأن الانكار يكون بعد الدعوى لا بعد طلب اليمين، وقد يندفع هذا الاعتراض بما قدرته في كلامه. قال السبكي في الحلبيات: وتعبير المنهاج صحيح، وإنما عدل عن الدعوى إلى اليمين لأنه قد يطلب اليمين من غير دعوى فيما إذا طلب القاذف يمين المقذوف أو وارثه، أي المطالب له أنه ما زنى، فإنه إذا ادعى وطلب اليمين أو طلبها من غير دعوى أجيب إلى تحليفه على الصحيح، إذ له غرض في أن لا يدعي الزنا حتى لا يكون قاذفا ثانيا.
لكن قد يحتاج على هذا أن قوله توجهت عليه بمعنى طلبت منه، قال: لكن قوله بعد فأنكر غير متضح، فإن الانكار يكون بعد الدعوى لا بعد طلب اليمين إلا أن يريد أنه صمم على الانكار اه‍. ثم إن حلف المقذوف أو وارثه حد القاذف، وإن نكل وحلف القاذف سقط عنه الحد ولم يثبت الزنا بحلفه كما مرت الإشارة إليه في الزنا. وخرج بما لو أقر بمطلوبها لزمه نائب المالك كالوصي والوكيل فلا يحلف لأنه لا يصح إقراره. وعبر في الروضة في ضابط الحلف بأنه كل من يتوجه عليه دعوى صحيحة، ثم حكى ضابط المتن بقيل، قال الزركشي تبعا للسبكي: والظاهر أن الثاني شرح للأول لأن الدعوى الصحيحة تقتضي ذلك فلا اضطراب حينئذ. وما ذكره المصنف ليس ضابطا لكل حالف، فإن اليمين مع الشاهد الواحد لا يدخل فيه ولا يمين الرد ولا إيمان القسامة واللعان وكأنه أراد الحالف في جواب دعوى أصلية، وأيضا فهو غير مطرد لاستثنائهم منه صورا كثيرة أشار في المتن لبعضها بقوله: (ولا يحلف قاض على تركه الظلم) في حكمه، (ولا) يحلف (شاهد أنه لم يكذب) في شهادته لارتفاع منصبهما عن ذلك. واحترزت بقوله: في حكمه عما إذا لم يتعلق بحكمه كدعوى مال وغيره فهو كغيره، ويحكم فيه خليفته أو قاض آخر، وهذه المسألة قد تقدمت في كتاب القضاء.
(ولو قال مدعى عليه: أنا صبي) واحتمل ذلك، (لم يحلف ووقف) أمره في الخصومة (حتى يبلغ) فيدعى عليه. وإن كان لو أقر بالبلوغ في وقت احتماله قبل، لأن حلفه يثبت صباه، وصباه يبطل حلفه، ففي تحليفه إبطال تحليفه. نعم الكافر المسبي المنبت إذا قال: تعجلت العانة حلف وجوبا في الأظهر لسقوط القتل، بناء على أن الانبات علامة للبلوغ، فإن نكل قتل ولو كان دعوى الصبا من غيره، كما إذا ادعى له وليه مالا، وقال المدعى عليه: من تدعي له المال بالغ فللولي طلب يمين المدعى عليه أنه لا يعلمه صغيرا، فإن نكل لا يحلف الولي على صباه. وهل يحلف الصبي؟ وجهان في فتاوى القاضي بناء على القولين في الأسير. ويستثنى مع استثناء المصنف مسائل: منها ما لو علق الطلاق على شئ من أفعال المرأة كالدخول فادعته المرأة وأنكره الزوج، فالقول قوله، فلو طلبت المرأة تحليفه على أنه لا يعلم وقوع ذلك لم يحلف، نعم إن ادعت وقوع الفرقة حلف على نفيها كما نقله الرافعي عن القفال وأقره. ومنها ما إذا ادعت الجارية الوطئ وأمية الولد وأنكر السيد أصل الوطئ، فالصحيح في أصل الروضة أنه لا يحلف. وصوب البلقيني التحليف سواء أكان هناك ولد أم لم يكن، وصوب السبكي حمل ما في الروضة على ما إذا كانت المنازعة لاثبات النسب، فإن كانت لامية الولد ليمتنع من بيعها وتعتق بعد الموت فيحلف. قال: وقد قطعوا بتحليف السيد إذا أنكر الكتابة، وكذا التدبير إذا قلنا إن إنكاره ليس برجوع. ومنها ما لو طلب الإمام الساعي بما أخذه من الزكاة فقال: لم آخذ شيئا لم يحلف وإن كان لو أقر بالأخذ لزمه، حكاه شريح في روضته عن الأصحاب. ومنها ما لو قسم الحاكم المال بين الغرماء فظهر غريم آخر وقال لاحد الغرماء، أنت تعلم وجوب حقي وطلب يمينه لم يلزمه، حكاه الشيخان عن العبادي. ومنها ما لو ادعى من عليه زكاة مسقطا لم يحلف إيجابا مع أنه لو أقر بمطلوب الدعوى لزمه.
(٤٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548