مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٧١
تنبيهات: الأول: كان الأولى للمصنف الاقتصار على قوله: يمكن مخاصمته أو يمكن تحليفه، لأن الجمع بينهما لا يشترط. الثاني: كلامه يفهم أنه إذا أقر به لمن لا يمكن مخاصمته وهو المحجور عليه لا تنصرف الخصومة عنه، وليس مرادا ، بل تنصرف إلى وليه، وإنما قيده المصنف بذلك لقوله بعد: وصدقه، فإن المحجور عليه لا يصح تصديقه. الثالث:
قوله: صارت الخصومة معه يفهم انصرافها عن المدعى عليه، وليس مرادا، بل للمدعي طلب يمينه بناء على أنه يغرم له البدل لو أقر له، وهو الأظهر. (وإن كذبه ترك في يد المقر) كما مر تصحيحه في كتاب الاقرار، وأعاد المصنف المسألة هنا لبعيد التصريح بمقابل الأصح، وهو قوله: (وقيل: تسلم إلى يد المدعي) إذ لا طالب له سواه، (وقيل: يحفظه الحاكم لظهور مالك) له. (وإن أقر به لغائب) عن البلد ولا بينة تشهد له بملك المدعي به، (فالأصح انصراف الخصومة عنه) إليه لما مر. وهذا بالنسبة لرقبة المدعي به، أما بالنسبة لتحليف المدعى عليه فلا ينصرف في الأصح بل له تحليفه كما مر.
(ويوقف الامر) في الاقرار بالمدعي به لغائب حيث لا بينة، (حتى يقدم) ذلك (الغائب) لأن المال بظاهر الاقرار لغيره بدليل أن الغائب لو قدم وصدق أخذه. والثاني: لا تنصرف، وهو ظاهر نص المختصر لأن المال في يده، والظاهر أنه له. (فإن كان للمدعي بينة قضى) له (بها) وسلمت له العين.
تنبيه: قال البلقيني: كلام المصنف متهافت لأن وقف الامر حتى يقدم الغائب ينافيه قوله: فإن كان للمدعي بينة قضى بها، وعبارة المحرر سالمة من هذا فإنه قال: فإن لم تكن بينة يوقف الامر إلى أن يحضر الغائب وإن كان له بينة فيقضي له اه‍. وبما قدرته يندفع الاعتراض. (وهو قضاء على غائب، فيحلف) المدعي (معها) أي البينة كما مر في باب القضاء على الغائب، لأن المال صار له بحكم الاقرار. وهذا ما نقلاه في الروضة وأصلها عن اختيار الإمام والغزالي، وقالا: إنه أقوى وأليق بالوجه المفرع عليه. وهذا هو المعتمد. (وقيل) بل هو قضاء (على حاضر) إذ الخصومة معه فلا يحلف معها، وهذا ما نقلاه عن ترجيح العراقيين، وقال البلقيني: إنه المعتمد. وإن لم يكن للمدعي بينة فله تحليف المدعى عليه أنه لا يلزمه تسليمه إليه، فإن نكل حلف المدعي وأخذه، ثم إذا حضر الغائب وصدق المقر رد إليه بلا حجة لأن اليد له بإقرار صاحب اليد، ثم يستأنف المدعي الخصومة معه. وإن ادعى ذو اليد أنها للغائب وأثبت أنه وكيل للغائب قدمت بينته بذلك على بينة المدعي لزيادة قوتها إذن بإقرار ذي اليد إليه، فإن لم تقم بينة بوكالته على الغائب وأقام بينة بالملك الغائب سمعت بينته لا لتثبت العين للغائب لأنه ليس نائبا عنه، بل ليندفع عنه اليمين وتهمة الإضافة إلى الغائب، سواء تعرضت بينته لكونها في يده بعارية أو غيره أم لا. وهذه الخصومة للمدعي مع المدعى عليه، وللمدعي مع الغائب خصومة أخرى. ولو قال المدعى عليه: هي معي رهن أو نحوه من الحقوق اللازمة كإجارة، لم تسمع دعواه مع بينته لتضمنها إثبات الملك للغير بلا نيابة.
تنبيه: للمدعي تحليف المدعى عليه حيث انصرفت الخصومة عنه أنه لا يلزمه تسليمها إليه وأن ما أقر به ملك المقر له رجاء أن يقر به له أو ينكل فيحلف ويغرمه القيمة بناء على أن من أقر لشخص بشئ بعد ما أقر به لغيره يغرم القيمة للثاني، فإن نكل عن اليمين وحلف المدعي اليمين المردودة أو أقر له بالعين ثانيا وغرم له القيمة ثم أقام المدعي بينة بالعين أو حلف بعد نكول المقر له رد القيمة وأخذ العين لأنه أخذها للحيلولة، وقد زالت.
فرع: لو ادعى جارية على منكرها فاستحقها بحجة ووطئها وأولدها ثم أكذب نفسه لم تكن زانية بذلك لأنها تنكر ما يقول ولم يبطل الايلاد وحرية الولد، لأن إقراره لا يلزم غيره بأن وافقته الجارية على ذلك، إذ لا يرفع ما حكم به برجوع محتمل فيلزمه المهر إن لم تعترف هي بالزنا ويلزمه الأرش إن نقضت ولم يولدها وقيمة الولد وأمه إن أولدها ولا يطؤها بعد ذلك إلا بشراء جديد، فإن مات عتقت عملا بقوله الأول ووقف ولاؤها إن مات قبل
(٤٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548