مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٦٩
والأصم الذي لا يسمع أصلا إن كان يفهم الإشارة فهو كالأخرس، وإلا فكالمجنون فلا تصح الدعوى عليه. فلو كان البصير الأصم أو الأخرس الذي لا يفهم كاتبا قال الأذرعي: يشبه أن يقال كتابته دعوى وجوابا كعبارة الناطق. أما إذا لم يصر المدعى عليه فينظر، (فإن ادعى) عليه (عشرة) مثلا (فقال) في جوابه: هي عندي، أوليس لك عندي شئ، فذاك ظاهر. وإن قال: (لا تلزمني العشرة، لم يكف) ذلك في الجواب (حتى يقول) مضافا لما سبق: (ولا بعضها. وكذا يحلف) إن حلفه القاضي، لأن مدعي العشرة مدع لكل جزء منها، فاشترط مطابقة الانكار واليمين دعواه، وقوله: لا يلزمني العشرة إنما هو نفي لمجموعها، ولا يقتضي نفي كل جزء منها، فقد تكون عشرة إلا حبة. (فإن حلف على نفي العشرة واقتصر) في حلفه (عليه فنأكل) عما دون العشرة، (فيحلف المدعي على استحقاق دون العشرة بجزء) وإن قل، (ويأخذه) أي ما دون العشرة وإن لم يجدد دعوى. نعم إن نكل المدعى عليه عن العشرة وقد اقتصر القاضي في تحليف المدعى عليه على عرض اليمين عليه عن العشرة ولم يقل ولا شئ منها فليس للمدعي أن يحلف على استحقاق ما دونها إلا بعد تجديد دعوى ونكول المدعى عليه.
تنبيه: هذا إن لم يسند المدعي إلى عقد، فإن أسنده إليه كأن ادعت امرأة نكاحا بخمسين كفاه نفي العقد بها والحلف عليه، فإن نكل لم تحلف هي على البعض إلا بدعوى جديدة لا تناقض ما ادعته. وإن ادعى دارا بيد غيره فأنكرها فلا بد أن يقول في حلفه: ليست لك ولا شئ منها، ولو ادعى أنه باعه إياها كفاه أن يحلف أنه لم يبعها.
ولو ادعى عليه مالا فأنكر وطلب منه اليمين فقال: لا أحلف وأعطي المال لا يجب على المدعي قبوله من غير إقرار وله تحليفه لأنه لا يأمن من أن يدعي عليه بما دفعه بعد هذا، وكذا لو نكل عن اليمين وأراد المدعي أن يحلف يمين الرد فقال المدعى عليه: أنا أبذل المال له بلا يمين له أن يحلف ويقول له الحاكم: إما أن تقر بالحق أو يحلف المدعى عليه بعد نكولك، قاله البغوي والمروزي وغيرهما. (وإذا ادعى مالا مضافا إلى سبب كأقرضتك كذا كفاه في الجواب) عن هذه الدعوى، (لا تستحق) أنت (علي شيئا) أو لا يلزمني تسليم شئ إليك، (أو) ادعى (شفعة كفاه) في الجواب:
(لا تستحق) أنت (علي شيئا، أو لا تستحق) علي (تسليم الشقص) ولا يشترط التعرض لنفي تلك الجهة لأن المدعي قد يكون صادقا في الاقراض وغيره وعرض ما أسقط الحق من أداء أو إبراء، فلو نفى السبب كذب أو اعترف وادعى المسقط طولب ببينة قد يعجز عنها فقبل الاطلاق للضرورة. ونازع البلقيني في جواب دعوى الشفعة، وقال: أكثر الناس لا يعدون الشفعة مستحقة على المشترى لأنها ليست في ذمته فلا يتعلق به ضمانها كالغصب وغيره، فالجواب المعتبر لا شفعة لك عندي كما عبر به في الروضة، وعبارة المحرر لا يستحق عليه شفعة اه‍. والمعتمد ما في المتن. ولو ادعت على زوجها أنه طلقها كفاه في الجواب: أنت زوجتي. ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو ادعى عليه وديعة، فلا يكفي في الجواب:
لا يلزمني التسليم، إذ لا يلزمه تسليم وإنما يلزمه التخلية، فالجواب الصحيح أن ينكر الايداع أو يقول: لا تستحق علي شيئا أو هلكت الوديعة أو رددتها. (ويحلف) المدعى عليه (على حسب) بفتح السين بخطه، ويجوز إسكانها، أي قدر (جوابه هذا) أو على نفي السبب، ولا يكلف التعرض لنفيه. (فإن) تبرع و (أجاب بنفي السبب المذكور) كقوله في صورة القرض السابقة: ما أقرضتني كذا، (حلف عليه) أي نفي السبب كذلك ليطابق اليمين الانكار. (وقيل: الحلف بالنفي المطلق) كما لو أجاب به، والأول راعى مطابقة اليمين للجواب.
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548