مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٧٥
بخلاف خط الأب اه‍. وظاهر كلام المصنف انحصار ذلك في خطه وخط أبيه، وليس مرادا، ولهذا زدت مثلا في كلامه، إذ نكول خصمه مما يحصل به الظن المؤكد كما جزم به في الروضة وأصلها، وإن نازع فيه البلقيني، فلو قال : كاعتماد خطه إلخ كان أولى. (وتعتبر) في الحلف (نية القاضي المستحلف) للخصم، سواء أكان موافقا للقاضي في مذهبه أم لا، لحديث: اليمين على نية المستحلف رواه مسلم، وحمل على الحاكم لأنه الذي له ولاية الاستحلاف، والمعنى فيه أنه لو اعتبرت نية الحالف لبطلت فائدة الايمان وضاعت الحقوق، إذ كل أحد يحلف على ما يقصد، فإذا ادعى حنفي على شافعي شفعة الجوار والقاضي يعتقد إثباتها فليس للمدعى عليه أن يحلف على عدم استحقاقها عليه عملا باعتقاده، بل عليه اتباع القاضي.
تنبيه: كان الأولى للمصنف أن يقول: من له ولاية التحليف بدل القاضي ليشمل الإمام الأعظم والمحكم أو غيرهما ممن يصح أداء الشهادة عنده. قال البلقيني: محل ما ذكر إذ لم يكن الحالف محقا لما نواه، وإلا فالعبرة بنيته لا بنية القاضي اه‍. ومراده بالمحق على ما يعتقده القاضي، فلا ينافيه ما مر فيما لو كان القاضي حنفيا فحكم على شافعي بشفعة الجوار من أنه ينفذ حكمه، وأنه إن استحلف فحلف لا يستحق علي شيئا أثم. أما إذا حلفه الغريم أو غيره ممن ليس له ولاية التحليف أو حلفه من له ذلك بغير طلبه فالعبرة بنية الحالف، وكذا لو حلف هو بنفسه ابتداء كما قاله في زيادة الروضة. (فلو ورى) الحالف في يمينه بأن قصد خلاف ظاهر اللفظ عند تحليف من له ولاية التحليف، كقوله: لا يستحق علي درهما ولا دينارا ولا أقل من ذلك ولا أكثر، فدرهم قبيلة ودينار رجل معروف، وماله قبلي ثوب ولا شفعة ولا قميص، فالثوب الرجوع والشفعة العبد والقميص غشاء القلب، (أو تأول) بأن اعتقد الحالف (خلافها) أي خلاف نية القاضي، كحنفي حلف شافعيا على شفعة الجوار فحلف أنه لا يستحقها عليه، (أو استثنى) الحالف كقوله عقب يمينه: إن شاء الله، أو وصل باللفظ شرطا ك‍ إن دخلت الدار (بحيث لا يسمع القاضي) ذلك، (لم يدفع) ما ذكر (إثم اليمين الفاجرة) لأن اليمين شرعت ليهاب الخصم الاقدام عليها خوفا من الله تعالى، فلو صح تأويله لبطلت هذه الفائدة، فإن كل شئ قابل للتأويل في اللغة. فإن قيل: كيف تصوير الاستثناء هنا فإنه لا يصح في الماضي، إذ لا يقال: والله ما أتلفت أو مالك على شئ إن شاء الله؟ أجيب بأن المراد توجيه الاستثناء إلى عقد اليمين، فيكون المعنى: تنعقد يميني إن شاء الله تعالى.
أما إذا وجه إلى نفس الفعل فإنه لا يصح، لأن الاستثناء إنما يكون في المستقبل كالشرط.
تنبيه: محل كون ما ذكر لا يدفع إثم اليمين مقيد بأمرين، أحدهما: أن يكون الحلف بالله تعالى، فإن حلفه القاضي بالطلاق أو العتاق فحلف وورى نفعته التورية وإن كانت حراما حيث يبطل بها حق المستحق، لأنه ليس له التحليف بهما كما قاله المصنف في شرح مسلم، وقال في المهمات: فإن كان القاضي يرى التحليف بالطلاق كالحنفي فحلفه به نفعته التورية، كذا ذكره النووي في الأذكار في باب التورية اه‍. ونوزع بأنه ليس في كلام النووي تصويرها بأن يرى القاضي ذلك، بل ظاهر كلامه يقتضي أن محله فيمن لا يراه، لأنه قال: لأنه لا يجوز للقاضي تحليفه بالطلاق فهو كغيره من الناس اه‍. فعلم أن من يراه لا تنفع التورية عنده. الأمر الثاني: أن لا يكون ظالما في نفس الامر، فقد ذكر في الوديعة أن الظالم إذا طلب منه الوديعة فينكر، فإن اكتفى باليمين فليحلف ولا إثم عليه ولو قدر على التورية كما هو مقتضى كلامهم، ومثله لو ادعى على المعسر فقال: لا يستحق علي ونوى بالاستحقاق التسليم الآن صح تأويله ولا يؤاخذ بيمينه لانتفاء المفسدة السابقة، بل خصمه ظالم بمطالبته إن علم ومخطئ إن جهل. واحترز المصنع بقوله: بحيث لا يسمع عما إذا سمع فإنه يعزره ويعيد اليمين، وإن وصل بها كلاما لم يفهمه القاضي منعه وأعاد اليمين، فإن قال: كنت أذكر الله تعالى، قيل له: ليس هذا وقته. ولما انقضى الكلام على الحلف وكيفيته شرع في ضابط الحلف
(٤٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548