مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٧٧
تنبيه: قد يفهم قول المصنف: لو أقر بمطلوبها فأنكر أن من لا يقبل إقراره لا يحلف، وهو كذلك، لكن يستثنى منه صورتان: الأولى لو ادعى على من يستخدمه أنه عبد فأنكر فإنه يحلف وهو لو أقر بعد إنكاره الرق لم يقبل، لكن فائدة التحليف ما يترتب على التفويت من تغريم القيمة لو نكل. الثانية: لو جرى العقد بين وكيلين فالأصح في زوائد الروضة في اختلاف المتبايعين تحالفهما مع أن إقرار الوكيل لا يقبل، لكن فائدته الفسخ. ثم شرع في بيان فائدة اليمين فقال: (واليمين) غير المردودة (تفيد قطع الخصومة) وعدم المطالبة (في الحال) و (لا) تفيد (براءة) لذمة المدعى عليه، لما رواه أبو داود والنسائي والحاكم عن ابن عباس: أن النبي (ص) أمر رجلا بعد ما حلف بالخروج من حق صاحبه كأنه (ص) علم كذبه كما رواه أحمد. على أن اليمين لا توجب براءة، (فلو حلفه) المدعى عليه (ثم أقام) المدعي (بينة) بمدعاة شاهدين فأكثر، وكذا شاهد ويمين كما قاله ابن الصباغ وغيره، (حكم بها) وإن نفاها المدعى حين الحلف، لقوله (ص): البينة العادلة حق من اليمين الفاجرة رواه البخاري.
فإن قيل: ينبغي أن لا يحكم بالبينة بعد اليمين، لقوله (ص): شاهداك أو يمينه ليس لك إلا ذلك، فنص على أنه ليس له إلا أحدهما لا كلاهما. أجيب بأنه حصر حقه في النوعين، أي لا ثالث لهما وأما منع جمعهما فلا دلالة للحديث عليه.
تنبيه: لو ردت اليمين على المدعي فنكل ثم أقام بينة حكم بها لاحتمال أن يكون نكوله للتورع عن اليمين الصادقة.
ولو قال بعد إقامة بينة بدعواه: بينتي كاذبة أو مبطلة سقطت ولم تبطل دعواه. واستثنى البلقيني ما إذا أجاب المدعى عليه وديعة بنفي الاستحقاق وحلف عليه، فإن حلفه يفيد البراءة حتى لو أقام المدعي بينة بأنه أودعه الوديعة المذكورة لم تؤثر فإنها لا تخالف ما حلف عليه من نفي الاستحقاق.
فرع: لو اشتملت دعوى على شخص واحد على أنواع وأراد المدعي أن يحلفه على بعضها دون بعض أجيب، ولو أراد أن يحلفه على كل نوع منها يمينا نظر، إن فرقها في الدعوى أجيب، وإلا فلا، قاله الماوردي. (ولو قال المدعى عليه) الذي طلب المدعي تحليفه: (قد حلفني مرة) على ما ادعاه فليس له تحليفي ثانيا (فليحلف أنه لم يحلفني) قبل ذلك، (مكن) من تحليفه المدعي (في الأصح) لأن ما قاله محتمل غير مستبعد. والثاني: المنع، لأنه لا يؤمن أن يدعي المدعي أنه حلف على أنه ما حلفه، وهكذا فيدور الامر ولا ينفصل. وأجيب بعدم سماع ذلك من المدعي لئلا يتسلسل. وعلى الأول لو نكل المدعى حلف المدعى عليه وتخلص من الخصومة، فلو قصد أن يحلف يمين الأصل لا يمين التحليف المردودة عليه فليس له ذلك إلا بعد استئناف الدعوى لأنهما الآن في دعوى أخرى.
تنبيه: هذا كله إذا قال: حلفني عند قاض آخر أو أطلق، فإن قال: حلفني عندك، فإن حفظ القاضي ذلك لم يحلفه ومنع المدعي من طلبه، وإن لم يحفظه حلفه ولا ينفعه إقامة البينة عليه، لأن القاضي متى تذكر حكمه أمضاه وإلا فلا يعتمد غيره. قال الأذرعي: ويشبه أن يقال عند الاطلاق يستفسره القاضي لأنه قد يحلفه ويظن أنه كتحليف القاضي، لا سيما إذا كان خصمه لا يتفطن لذلك. ثم شرع في بيان النكول وحكمه فقال: (وإذا نكل) المدعى عليه عن يمين طلبت منه، (حلف المدعي) اليمين المردودة لتحول الحق إليه، (وقضى له) بمدعاه، (ولا يقضى بنكوله) أي المدعى عليه خلافا لأبي حنيفة وأحمد لأنه (ص) رد اليمين على طالب الحق رواه الحاكم وصحح إسناده، وقال تعالى: * (أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم) * أي بعد الامتناع من الايمان الواجبة، فدل على نقل الايمان من جهة إلى جهة، المعنى أن النكول كما يحتمل أن يكون تحرزا عن اليمين الكاذبة يحتمل أن يكون تورعا عن اليمين الصادقة فلا يقضى مع التردد.
(٤٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548