مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٩٣
الحديث: فك الرقبة أن تعين في ثمنها.
تنبيه: كان الأولى أن يقول: وما اشتق من التحرير والاعتاق والفك، فإنه لو قال: أنت تحرير أو إعتاق أو فك كان كناية، كقوله لزوجته: أنت طالق.
فروع: لو كان اسم أمته قبل إرقاقها حرة فسميت بغيره فقال لها: يا حرة عتقت إن لم يقصد النداء لها باسمها القديم، فإن كان اسمها في الحال حرة لم تعتق إلا إن قصد العتق. وإن أقر بحريته خوفا من أخذ المكس عنه إذا طالبه المكاس به وقصد الاخبار لم يعتق باطنا، وقول الأسنوي: ولا ظاهرا كما لو قال لها أنت طالق وهو يحلها من وثاق ثم ادعى أنه أراد طلاقها من الوثاق مردود، فإن ذلك إنما هو قرينة على أنه إخبار ليس بإنشاء، ولا يستقيم كلامه معه إلا إذا كان على ظاهره. ونظير مسألة الوثاق كما قال شيخنا أن يقال له: أمتك قحبة، فيقول: بل هي حرة فهو قرينة على إرادة الصفة لا العتق. ولو قال لامرأة زاحمته: تأخري يا حرة فبانت أمته لم تعتق، وإنما أعتق الشافعي رضي الله تعالى عنه أمته بذلك تورعا. ولو قال لعبده: افرغ من عملك وأنت حر، وقال: أردت حرا من العمل لم يقبل ظاهرا ويدين. ولو قال: الله أعتق عتق أو أعتقك الله فكذلك كما هو مقتضى كلامهما، ورأي البوشنجي أنه كناية لاحتمال الانشاء والدعاء. ولو قال: أنت حر مثل هذا العبد وأشار إلى عبد آخر له لم يعتق ذلك العبد كما بحثه المصنف، لأن وصفه بالعبد يمنع عتقه ويعتق المخاطب، فإن قال: مثل هذا ولم يقل: العبد عتقا كما صوبه المصنف، وإن قال الأسنوي إنما يعتق الأول فقط. ولو قال لرجل: أنت تعلم أن عبدي حر عتق بإقراره وإن لم يكن المخاطب عالما بحريته، لا إن قال له: أنت تظن أو ترى. ولو قال السيد لضارب عبده: عبد غيرك حر مثلك لم يحكم بعتقه لأنه لم يعينه. (ولا يحتاج) الصريح (إلى نية) لايقاعه كسائر الصرانح لأنه لا يفهم منه غيره عند الاطلاق، فلم يحتج لتقويته بالنية، ولان هزله جد كما مر فيقع العتق، وإن لم يقصد إيقاعه. أما قصد لفظ الصريح لمعناه، فلا بد منه ليخرج أعجمي تلفظ بالعتق ولم يعرف معناه. وما ذكره المصنف من عدم احتياج الصريح لنية معلوم من حكم الصريح، وإنما صرح به تمهيدا لقوله:
(ويحتاج إليهما) أي النية (كنايته) بهاء الضمير أي العتق، وإن احتفت بها قرينة لاحتمالها غير العتق، فلا بد من نية التمييز كالامساك في الصوم. (وهي) أي الكناية: (لا ملك لي عليك، لا سلطان) لي عليك، وكذا في بقية الأمثلة، وهي:
(لا سبيل، لا خدمة) لا يد لا أسر ونحوها، (أنت) بفتح التاء بخطه (سائبة، أنت مولاي) ونحو ذلك كأزلت ملكي أو حكمي عنك، لاشعار ما ذكر بإزالة الملك مع احتمال غيره.
تنبيه: وقال لعبده يا سيدي هل هو كناية أو لا؟ وجهان، رجح الإمام أنه كناية، وجرى عليه ابن المقري، وهو الظاهر، ورجح القاضي والغزالي أنه لغو، لأنه من السؤدد وتدبير المنزل، وليس فيه ما يقتضي العتق. وجرى عليه الزركشي وعلله بأنه إخبار بغير الواقع أو خطاب بلفظ ولا إشعار له بالعتق. ولو قال المصنف: هي كقوله كما فعل في الروضة كان أولى لئلا يوهم الحصر. قال القاضي الحسين: وضابط الكناية هنا كل لفظ يتضمن زوال الملك أو ينبئ عن الفرقة كالأمثلة المتقدمة. (وكذا كل صريح أو كناية للطلاق) لاشعارها بإزالة قيد الملك. ويستثنى من ذلك ما لو قال لرقيقه: أنا منك طالق أو بائن ونحو ذلك ونوى إعتاقه عبدا كان أو أمة لم يعتق بخلاف نظيره من الطلاق، والفرق أن الزوجية تشمل الزوجين، والرق خاص بالعبد. ويستثنى أيضا ما لو قال لعبده: اعتد أو استبرئ رحمك ونوى العتق فإنه لا يعتق كما في أصل الروضة في الطلاق، ولو قال لامته فوجهان، أصحهما العتق.
تنبيه: قوله: للطلاق يخرج صرائح وكنايات غيره، لكن الظاهر صرائحه وكناياته كناية في العتق وليس صريحا ولا كناية في الطلاق. ولو قال لعبده: يا خواجا لم يعتق، قاله المروزي. وفي الاحياء أن الزهري قال: من قال لعبده جزاء الله عتق عليه اه‍. ولعل هذا مذهب الزهري. وفي الكشاف في سورة يس: إذا قال الرجل كل مملوك لي
(٤٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548