مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٩٦
والمراد بغير المعسر أن يكون موسرا بقيمة حصة شريكه فاضلا ذلك عن قوته وقوت من تلزمه نفقته في يومه وليلته ودست ثوب يلبسه وسكنى يوم على ما سبق في الفلس، ويصرف إلى ذلك كل ما يباع، ويصرف في الديون. (أو) سرى (إلى ما أيسر به) من نصيب شريكه، والأصل في ذلك خبر الصحيحين: من أعتق شركا له في عبد وكان له مال يبل ثمن العبد قوم العبد عليه قيمة العدل وأعطى شركاءه حصصهم وأعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق عليه منه ما عتق. وفي رواية: إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وكان له مال فقد عتق كله وأما رواية: فإن لم يكن له مال قوم العبد عليه قيمة عدل، ثم يستسعى لصاحبه في قيمته غير مشقوق عليه فمدرجة في الخبر كما قاله الحفاظ، أو محمولة على أنه يستسعى لشريك المعتق، أي يخدمه بقدر نصيبه لئلا يظن أنه يحرم عليه استخدامه.
تنبيه: يستثنى من ذلك ما لو كان نصيب الشريك مستولدا بأن استولدها وهو معسر، فلا سراية في الأصح، لأن السراية تتضمن من النقل. ويجرى الخلاف فيما لو استولدها أحدهما وهو معسر، ثم استولدها الآخر، ثم أعتقها أحدهما. ولو كانت حصة الذي لم يعتق موقوفة لم يسر العتق قولا واحدا، قاله في الكفاية، وبه شمل إطلاقه ما لو كان العيد بين ثلاثة فأعتق اثنان منهم نصيبهما معا وأحدهما معسر والآخر موسر، فإنه يقوم جميع نصيب الذي لم يعتق على هذا الموسر كما جزما به والمريض معسر إلا في ثلث ماله كما سيأتي، فإذا أعتق نصيبه من عبد مشترك في مرض موته، فإن خرج جميع العبد من ثلث ماله قوم عليه نصيب شريكه وعتق جميعه، وإن لم يخرج إلا نصيبه عتق بلا سراية.
(وعليه) أي الموسر على كل الأقوال الآتية (قيمة ذلك) القدر الذي أيسر به (يوم) أي وقت (الاعتاق) لأنه وقت الاتلاف أو وقت سببه، كالجناية على العبد إذا سرت لنفسه تعتبر وقت الجناية.
تنبيه: للشريك مطالبة المعتق بدفع القيمة وإجباره عليها، فلو مات أخذت من تركته، فإن لم يطالبه الشريك فللعبد المطالبة، فإن لم يطالب طالبه القاضي، وإن اختلفا في قدر قيمته، فإن كان العبد حاضرا قريب العهد بالعتق ورجع أهل التقويم أو مات أو غاب أو طال العهد صدق المعتق لأنه غارم. (وتقع السراية) المذكورة (بنفس الاعتاق) فتنتقل الحصة إلى ملك المعتق ثم تقع السراية به، ولو حذف المصنف لفظ نفس كما حذفها بعد في قوله: إن قلنا السراية بالاعتاق كان أولى.
تنبيه: يستثنى من ذلك ما لو كاتبه الشريكان ثم أعتق أحدهما نصيبه فإنا نحكم بالسراية بعد العجز عن أداء نصيب الشريك فإن في التعجيل ضررا على السيد بفوات الولاء. (وفي قول) قديم تقع السراية (بأداء القيمة) أو الاعتياض عنها، لأن في إزالة ملك الشريك قبل أن يحصل العوض إضرارا به، فإنه قد يفوت لهرب أو غيره، والضرر لا يزال بالضرر، فلا يكفي الابراء كما قاله الماوردي. (و) في (قول) السراية موقوفة (إن دفعها) أي القيمة (بان أنها) أي السراية (بالاعتاق) لأن حكم بالعتق يضر السيد، والتأخير إلى أداء القيمة يضر بالعبد والتوقف أقرب إلى العدل ورعاية الجانبين، ولا تخص السراية بالاعتاق. (و) حينئذ (استيلاد أحد الشريكين الموسر) الأمة المشتركة بينهما (يسري) إلى نصيب شريكه كالعتق بل أولى منه بالنفوذ، لأنه فعل وهو أقوى من القول، ولهذا ينفذ استيلاد المجنون والمحجور عليه دون عتقهما، وإيلاد المرض من رأس المال وإعتاقه من الثلث. وخرج بالموسر المعسر، فلا يسر استيلاده كالعتق. نعم إن كان الشريك المستولد أصلا لشريكه سرى كما لو استولد الجارية التي كلها له. (وعليه قيمة نصيب شريكه) للاتلاف بإزالة ملكه. (و) عليه أيضا (حصته من مهر مثل) للاستمتاع بملك غيره، ويجب مع ذلك أرش البكارة لو كانت بكرا، وهل يفرد أو يدخل في المهر؟ خلاف اضطراب الترجيح في نظائره، والظاهر كما رجحه بعض المتأخرين عدم الدخول. وهذا إن تأخر الانزال عن تغييب الحشفة كما هو الغالب وإلا فلا
(٤٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548