مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥٠١
أو نحوه (في بيت المال) إن كان مسلما ولأنه من محاويج المسلمين. أما الكافر فلا حق له فيه ولهذا يقطع لسرقته، لكن الإمام ينفق عليه منه عند الحاجة بشرط الضمان، ورجح الرافعي نفي الضمان على اللقيط المحكوم بكفره. (أو) كان الصبي ونحوه (موسرا حرم) على وليه القبول لما فيه من الضرر على الصبي أو نحوه بالانفاق عليه من ماله.
تنبيه: هذا كله إذا وهب له جميع القريب كما هو ظاهر إطلاقه، فلو وهب له بعضه وهو كسوب والمحجور عليه موسر لم يقبله الولي، لأنه لو قبله ملكه وعتق عليه حينئذ فيسري على المحجور فتجب قيمة نصيب الشريك، وهذا ما في الروضة وأصلها، وهو المعتمد، وإن رجح في تصحيح التنبيه أنه يقبل ويعتق ولا يسري، لأن التبعيض للسراية بالاختيار، وهو منتف وعلله الماوردي بأنه بالحجر عليه كالمعسر. (ولو ملك) شخص (في مرض موته قريبه) الذي يعتق عليه (بلا عوض) كأن ورثه أو وهب له، (عتق) عليه (من ثلثه) حتى لو لم يكن له غيره لم يعتق إلا ثلثه لأنه دخل في ملكه وخرج بلا مقابل فأشبه المتبرع به، وهذا ما رجحه البغوي، وتبعه في المحرر.
(وقيل) يعتق عليه جميعه (من رأس المال) وإن لم يملك غيره، لأن الشرع أخرجه عن ملكه فكأنه لم يدخل. وهذا هو الأصح كما صححاه في الشرحين والروضة هنا وفي كتاب الوصايا في مسألة الإرث، وقال البلقيني:
إنه الأصح الذي يقتضيه نص الشافعي على أن المحجور عليها بفلس لو أصدقها أباها عتق عليها ولم يكن للغرماء منه شئ لأنه يعتق ساعة يتم ملكها عليه، قال: هو المعتمد في الفتوى. (أو) ملكه في مرض موته (يعوض بلا محاباة) بل بثمن مثله (فمن ثلثه) فلا يعتق منه إلا ما يخرج من الثلث لأنه فوت على الورثة ما بذله من الثمن، ولم يحصل لهم في مقابلته شئ، وليس للبائع الفسخ بالتفريق لو لم يخرج من الثلث إلا بعضه. وقوله: (ولا يرث) راجع للمسألتين على اعتبار العتق من الثلث لأن عتقه حينئذ وصية، ولا يجمع بينها وبين الإرث، فالأبعد نقلهما هذا عن الأصحاب وكأنه تفريع على بطلان الوصية للوارث، فإن قلنا بصحتها موقوفة على إجازة الورثة، أي وهو الصحيح، لم يمتنع الجمع بينهما، فيحتمل توقف الامر إليها، ويحتمل خلافه، أي وهو الظاهر لتعذر إجازته لتوقفها على إرثه المتوقف على عتقه المتوقف عليها، يتوقف كل من إجازته وإرثه على الآخر فيمتنع إرثه، وهذا خلاف الذي عتق من رأس المال فيرث. أما إذا اعتبرناه من رأس المال وهو الأصح في المسألة الأولى كما مر ورث على الأصح.
هذا إذا لم يكن على المريض دين، (فإن كان عليه دين) مستغرق لما عند الموت، (فقيل: لا يصح الشراء) لأن تصحيحه يؤدي إلى ملكه ولا يعتق عليه فلم يصح كما لا يصح شراء الكافر العبد المسلم، (والأصح صحته) إذ لا خلل فيه (ولا يعتق) منه شئ، لأن عتقه يعتبر من الثلث، والدين يمنع منه، (بل يباع في الدين) ويلغز بهذا فيقال:
حر موسر اشترى من يعتق عليه ولا يعتق. وفي معنى هذه الصورة ما لو اشترى المأذون من يعتق على سيده بإذنه وقد ركبه دين التجارة فإنه يصح الشراء، ولا يعتق على الأصح في تصحيح التنبيه للمصنف، وقد ذكره الرافعي في القراض وعلله بأنه كالمرهون بالديون. وخرج بالمستغرق ما إذا لم يكن مستغرقا أو سقط عنه بإبراء أو غيره فإنه يعتق إن خرج منه ما بقي بعد وفاء الدين في الأولى أو ثلث الباقي في الثانية أو أجازه الوارث فيهما وإلا عتق منه بقدر ما خرج من ثلث ذلك. (أو) ملك فيه بعوض (بمحاباة) من البائع كأن اشترى بخمسين وهو يساوي مائة، (فقدرها كهبة) فيكون قدر المحاباة وهو خمسون في هذا المثال كالموهوب له، فيجئ الخلاف السابق فيما ملكه بلا عوض هل يحسب من الثلث أو من رأس المال؟. (والباقي) بعد قدرها يعتبر (من الثلث) جزما. وخرج بالمحاباة من البائع المحاباة من المريض، كأن اشتراه بمائة وهو يساوي خمسين فقدرها تبرع منه، فإن استوعب الثلث لم يعتق منه شئ وإلا قدمت المحاباة على
(٥٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548