مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٥٥
كذا في الروضة وأصلها، قال البلقيني: وهو مقيد في الفسق والردة بأن لا يكون في حد لآدمي أو قصاص لم يستوف، فإن وجد بعد الحكم وقبل الاستيفاء لم يستوف كالرجوع، بخلاف حدوث العداوة بعد الحكم أو قبله وبعد الأداء فإنه لا يؤثر. (وجنونه) أي الأصل إذا كان مطبقا وخرسه وعماه (كموته) فتقبل شهادة الفرع (على الصحيح) لأن ذلك لا يوقع ريبة في الماضي. والثاني: يمنع كالفسق.
تنبيه: كالجنون الاغماء إلا أن يكون المغمى عليه حاضرا فلا يشهد الفرع بل ينتظر زوال الاغماء لقرب زواله، قاله الإمام وأقره. قال الرافعي: وقضيته أن يلحق به كل مرض يتوقع قرب زواله. قال المصنف: والصواب الفرق لبقاء أهلية المريض بخلاف المغمى عليه انتهى. واعترضه الأذرعي بأنه إذا انتظرنا إفاقة المغمى عليه مع عدم أهليته فانتظار المريض الأهل أولى بلا شك. (ولو تحمل فرع فاسق) أو كافر (أو عبد أو صبي فأدى وهو كامل) بعدالة في الأول وإسلام في الثاني وحرية في الثالث وبلوغ في الرابع، (قبلت) حينئذ شهادته على الصحيح كالأصل إذا تحمل وهو ناقص ثم أدى بعد كماله.
تنبيه: لا بد من عدد الفرع، ولو كانت الشهادة مما يقبل فيها الواحد كهلال رمضان. (ويكفي شهادة اثنين) فرعين (على الشاهدين) الأصليين كما لو شهدا على مقرين. والمراد أن يشهد كل من الفرعين على كل من الأصلين، ولا يكفي واحد على هذا وواحد على الآخر قطعا وإن أوهم كلامه خلافه، ولا يكفي أيضا أصل شهد مع فرع على الأصل الثاني، لأن من قام بأحد شطري البينة لا يقوم بالآخر ولو مع غيره.
تنبيه: يكفي شاهدان على رجل وامرأتين لأنهما مقام رجل. (وفي قول) صححه جمع: (يشترط لكل رجل أو امرأة) من الأصول (اثنان) لأن شهادتهما على واحد قائمة مقام شهادته فلا تقوم مقام شهادة غيره. (وشرط) شهادة الفرع في (قبولها تعذر أو تعسر الأصيل بموت أو عمى) لا تسمع معه شهادة الأعمى. وهذان مثالان للتعذر، ومثلهما الجنون المطبق والخرس الذي لا يفهم، فلو قال كالموت كان أولى. (أو مرض يشق حضوره) مشقة ظاهرة بأن يجوز لأجله ترك الجمعة وخوف من غريم وسائر أعذار الجمعة كما في أصل الروضة لأنها جوزت للحاجة. قال الزركشي: وما ذكر من ضابط المرض هنا نقله في أصل الروضة عن الإمام والغزالي، وهو بعيد نقلا وعقلا، وبين ذلك، ثم قال: على أن إلحاقه سائر أعذار الجمعة بالمرض لا يمكن القول به على الاطلاق، فإن أكل ماله ريح كريهة عذر في الجمعة، ولا يقول أحد هنا بأن أكل شهود الأصل ذلك سوغ سماع الشهادة على شهادتهم. وسبقه إلى ذلك الأذرعي. وقد يقال: المراد من ذلك ما يشق معه الحضور. (أو غيبة لمسافة عدوة، وقيل) لمسافة (قصر) لأن ما دونها في حكم البلد.
تنبيه: قوله: لمسافة عدوى نسب فيه إلى سبق القلم، وصوابه: فوق مسافة العدوي كما هو في المحرر والروضة وغيرهما، فإن المسوغ لشهادة الفرع غيبة الأصل فوق مسافة العدوي. وقد تقدم في الفصل قبله أن من شروط وجوب الأداء أن يدعى من مسافة العدوي، فكيف يقبل فيها شهادة الفرع مع وجوب الأداء على الأصل؟. وليس ما ذكر هنا تكرارا مع ما مر من أن موت الأصل وغيبته ومرضه لا يمنع شهادة الفرع، لأن ذاك في بيان طريان العذر، وهذا في المسوغ للشهادة. ويستثنى من شروط الغيبة شهود التزكية، فإن أصحاب المسائل تقبل شهادتهم عند القاضي على شهادة المزكي مع حضور المزكين في البلد كما ذكراه في فصل التزكية وتقدم ما فيه. ولو شهد الفرع في غيبة الأصل ثم حضر أو قال لا أعلم أني تحملت أو نسيت أو نحو ذلك لم يحكم بها لحصول القدرة على الأصل في الأولى والريبة فيما عداها أو بعد الحكم بها لم يؤثر، ولو كذب به الأصل بعد القضاء لم ينقبض. قال ابن الرفعة: ويظهر أن يجئ تغريمهم والتوقف في استيفاء العقوبة ما يأتي في رجوع الشهود بعد القضاء. قال الأذرعي وهو ظاهر إلا أن يثبت أنه كذبه قبله فينقض.
(٤٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548