مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٧٦
إن لم ينضبط (حكومة) لما فات ويختلف بحسب النقص قلة وكثرة، سواء احتاج في مشيه لعصا أم لا، فإن انضبط وجب القسط كالسمع (ولو كسر صلبه) أي المجني عليه (فذهب) مع سلامة الرجل والذكر (مشيه وجماعة أو) مشيه (ومنيه فديتان) لأن كل واحد منهما مضمون بالدية عند الانفراد، فكذا عند الاجتماع (وقيل دية) لأن الصلب محل المني، ومنه يبتدأ المشي وينشأ الجماع، واتحاد المحل يقتضي اتحاد الدية ومنع الأول محلية الصلب لما ذكر، وعلى الأول لو شلت رجلاه أيضا وجب عليه ثلاث ديات، وإن شل ذكره أيضا وجب عليه أربع ديات، قاله الكافي.
تنبيه: قضية كلامه أنه لا يفرد كسر الصلب بحكومة وهو كذلك فيما إذا كان الذكر والرجلان سليمين، فإن شلا وجب مع الدية الحكومة لأن المشي منفعة في الرجل، فإذا شلت فاتت المنفعة لشللها فأفرد كسر الصلب الحكومة، وإذا كانت سليمة ففوات المشي لخلل الصلب فلا يفرد بالحكومة. ويمتحن من ادعى ذهاب مشيه بأن يفاجأ بمهلك كسيف، فإن مشى علمنا كذبه، وإلا حلف وأخذ الدية.
فرع: في اجتماع ديات كثيرة في شخص بجراحات بقطع أطراف وإبطال منافع. قال الغزالي: وهي تقرب من عشرين دية. قال الرافعي: وإذا تأملت ما سبق وجدتها أكثر من ذلك وسرد ما تقدم، ثم قال: وقد تضاف إليها المواضح وسائر الشجاج والجوائف والحكومات فيجتمع شئ كثير لا ينحصر، واعترضه الأذرعي بأنه كيف يجتمع ديتان لليدين وللبطش، وديتان للرجلين وللمشي، ودية للحيين، ودية للمضغ، وثلاث ديات للسان والنطق والصوت، وترجم المصنف لذلك بالفرع لتفرعها على ما ذكر من وجوب الدية في المذكورات. إذا (أزال) الجاني (أطرافا) تقتضي ديات كقطع أذنين ويدين ورجلين (ولطائف تقتضي ديات) كإبطال سمع وبصر وشم (فمات سراية) منها كما في المحرر، وكذا من بعضها ولم يندمل البعض كما اقتضاه نص الشافعي، واعتمده البلقيني إذا كان قبل الاندمال للبعض الآخر (فدية) واحدة وسقط بدل ما ذكره، لأنها صار ت نفسا. أما إذا مات بسراية بعضها بعد اندمال بعض آخر منها لم يدخل ما اندمل في دية النفس قطعا، وكذا لو جرحه جرحا خفيفا لا مدخل للسراية فيه ثم أجافه فمات بسراية الجائفة قبل اندمال ذلك الجرح فلا يدخل أرشه في دية النفس كما هو مقتضى كلام الروضة وأصلها، أما لا يقدر بالدية فيدخل أيضا كما فهم مما تقرر بالأولى (وكذا لو حزه الجاني) أي قطع عتق المجني عليه (قبل اندماله) من الجراحة يلزمه للنفس دية واحدة (في الأصح) المنصوص، لأن دية النفس وجبت قبل استقرار ما عداها فيدخل فيها بدله كالسراية. والثاني تجب ديات ما تقدمها، لأن السراية قد انقطعت بالقتل فأشبه انقطاعها بالاندمال. فإن قيل: لو قطع أطراف حيوان غير آدمي وسرت الجناية إلى النفس أو عاد وقتله قبل الاندمال لم تدخل قيمة أطرافه في قيمته، بل أوجبوا قيمته يوم موته، فهلا كان كما هنا؟. أجيب بأن الحيوان مضمون بما نقص من القيمة وهي تختلف بالكمال والنقصان، والآدمي مضمون بمقدر، وهو لا يختلف بذلك، ولان الغائب في ضمانه التعبد، كما قاله الشيخ عز الدين. وما سبق هو عند اتحاد الفعل المجني به (فإن) كان مختلفا كأن (حز) الرقبة (عمدا والجناية) الحاصلة قبل الحز (خطأ) أشبه عمد (أو عكسه) كأن حزه خطأ والجنايات عمدا أو شبه عمد (فلا تداخل) لشئ مما دون النفس فيها (في الأصح) بل يستحق الطرف والنفس لاختلافهما واختلاف من تجب علته فلو قطع يديه ورجليه خطأ أو شبه عمد ثم حز رقبته عمدا أو قطع هذه الأطراف عمدا ثم حز الرقبة خطأ أو شبه عمد وعفا الأول في العمد على ديته وجبت في الأولى دية خطأ أو شبه عمد ودية عمد، وفي الثانية ديتا عمد ودية خطأ أو شبه عمد، والثاني تسقط الديات فيهما (ولو حز) الرقبة (غيره) أي الجاني المتقدم (تعددت) أي الديات لأن فعل الانسان لا يدخل في فعل غيره
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548