مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٧٣
في لغته، فالمعروف كما قال الزركشي القطع بالتكميل (أو) عجز عن بعضها (بجناية فالمذهب لا تكمل دية) في إبطال كلامه، لئلا يتضاعف الغرم في القدر الذي أبطله الجاني الأول، ومقتضى هذا التوجيه تخصيص التصوير بجناية من تضمن جنايته حتى تكون جناية الحربي كالآفة السماوية. قال الأذرعي: ولا أحسبه كذلك.
تنبيه: تعبيره بالمذهب يقتضي إثبات طريقين، وليس في الروضة وأصلها غير خلاف مرتب على الوجهين في المسألة قبلها، أي فإن قلنا بالقسط هناك فهنا أولى بالتكميل هناك فهنا فيه وجهان. وحاصله طريقان: قاطعة وحاكية لخلاف، ولو أبطل بعض ما يحسنه في المسائل الثلاث وجب قسطه مما ذكر على الخلاف فيه. (ولو قطع نصف لسانه) أي المجني عليه (فذهب) حروف هي (ربع كلامه أو عكس) بأن قطع ربع لسانه فذهب حروف هي نصف كلامه (فنصف دية) يجب في المسألتين، لأن اللسان مضمون بالدية وكذا الكلام، ولو لم تؤثر الجناية إلا في أحدهما لوجبت الدية، فإذا أثرت فيهما وجب أن ينظر إلى الأكثر لأنه لو انفرد لوجب قسطه، ولو قطع في الصورتين آخر الباقي فثلاثة أرباع الدية لأنه أبطل في الأولى ثلاثة أرباع الكلام، وقطع في الثانية ثلاثة أرباع اللسان وفيهما قوة الكلام، ولو تساوت نسبة الحرم والكلام بأن قطع نصف لسانه فذهب نصف كلامه وجب نصف الدية، ولا يقتص مقطوع نصف ذهب نصف كلامه من مقطوع نصف ذهب ربع كلامه إذا قطع الثاني الباقي من لسان الأول، وإن أجرينا القصاص في بعض اللسان لنقص الأول عن الثاني، ولو قطع بعض لسان وبقي نطقه فالواجب حكومة لا قسط خلافا للزركشي إذ لو وجب للزم إيجاب الدية الكاملة في لسان الأخرس، ولو قطع لسانا ذهب نصف كلامه مثلا بجناية على اللسان من غير قطع شئ منه فالواجب الدية لأنه قطع جميع اللسان مع بقاء المنفعة فيه.
تنبيه: لو قطع نصف لسانه فذهب نصف كلامه فاقتص من الجاني فلم يذهب إلا ربع كلامه فللمجني عليه ربع الدية ليتم حقه، فإن اقتص منه فذهب ثلاثة أرباع كلامه لم يلزمه شئ، لأن سراية القصاص مهدرة. الشئ السادس هو ما ذكره بقوله: (وفي) إبطال (الصوت) مع إبقاء اللسان على اعتداله وتمكنه من التقطيع والترديد (دية) لما رواه البيهقي عن زيد بن أسلم أنه قال مضت السنة في الصوت إذا انقطع الدية وقول الصحابي: من السنة كذا في حكم المرفوع، ولأنه من المنافع المقصودة في غرض الاعلام والزجر وغيرهما وقال البلقيني: وجوب الدية في الصوت يكاد أن يكون خرقا للاجماع. وقال الأذرعي: لم أره لغير الإمام وحمل كلام زيد بن أسلم على الكلام وعلى المعتمد في وجوب الدية (فإن أبطل معه) أي الصوت (حركة لسان فعجز عن التقطيع والترديد فديتان) لأنهما منفعتان في كل واحدة منهما إذا انفردت بالتفويت كمال الدية (وقيل دية) لأن المقصود الكلام لكنه يفوت تارة ببطلان الصوت، وأخرى بعجز اللسان عن الحركة. قال الزركشي: وهذا مقتضى ظاهر كلام الشافعي والأصحاب رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
تنبيه: لو أذهب بإبطال الصوت النطق واللسان سليم الحركة وجبت دية واحدة بناء على أن تعطيل المنفعة ليس كإبطالها، وينبغي كما قال شيخنا إيجاب حكومة لتعطيل النطق. الشئ السابع هو ما ذكره بقوله: (وفي) إبطال (الذوق) بجناية على اللسان (دية) لأنه أحد الحواس الخمس فأشبه الشم.
تنبيه: اختلف في محله هل هو في طرف الحلقوم أو في اللسان؟ نقل الرافعي الأول عن المتولي وأقره، ويدل له قولهم في قطع لسان الأخرس حكومة محله إذا لم يذهب الذوق فإنه لو كان في اللسان ذهب ولا بد، وجزم الرافعي في موضع آخر بالثاني، وجزم به جماعة منهم ابن جماعة شارح المفتاح، وقال النسائي وغيره: أنه المشهور وعليه الحكماء لكنهم يقولون: هو قوة منبثة في العصب المفروش على جرم اللسان يدرك بها الطعوم بخالطة اللعابية التي في الفم
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548