مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٥٢
لو حد بنية الشرب فظهر أنه حده للزنا جاز، لأنه لو أخطأ من يده اليمنى إلى اليسرى في السرقة أجزأ، وعلى هذا لو أن الإمام جلد رجلا مائة ظلما فبان أن عليه حد الزنا سقط عنه: كما لو قتل رجلا فبان أنه قاتل أبيه اه‍.
والأشبه كما قال الأذرعي ما قاله القاضي في صور جلده ظلما. وأما ما قبلها فالاجزاء فيه ظاهر، لأنه قصد الحد، فلا عبرة بظنه أنه عن الشرب.
فرع: لو زنى الإمام الأعظم لم ينعزل، ويقيم عليه الحد من ولى الحكم عنه كما قاله القفال (ويستحب) عند استيفاء الحد سواء أثبت بالبينة أم بالاقرار (حضور الإمام، و) حضور (شهوده) أي الزنا إن ثبت بهم للخروج من خلاف أبي حنيفة، فإنه قال بوجوب حضورهم لنا أنه صلى الله عليه وسلم رجم الغامدية وماعزا ولم يحضرهما وقال لأنيس: فإن اعترفت فارجمها، ولم يقل فأعلمني حتى أحضر، ولا قال له أحضر معك جمعا، وقياسا على الجلد، ويسن حضور جمع من الرجال المسلمين الأحرار لقوله تعالى * (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) *. قال الشافعي رضي الله عنه: وأقلهما أربعة عدد شهود الزنا، والسنة أن يبدأ الإمام بالرجم، ثم الناس إن ثبت بالاقرار، وإن ثبت بالبينة بدأ به الشهود ثم الإمام ثم الناس.
قال الماوردي: وتعرض عليه التوبة قبل رجمه لتكون خاتمة أمره، فإن حضر وقت صلاة أمر بها، وإن تطوع مكن من ركعتين، وإن استسقى ماء سقي، وإن استطعم لم يطعم، لأن الشرب لعطش سابق والاكل لشبع مستقبل (ويحد الرقيق سيده) بنفسه أو نائبه إذا كان عالما بقدر الحد وكيفيته وإن لم يأذن له الإمام لخبر أبي داود: أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم، وفي خبر الصحيحين: إذا زنت أمة أحدكم فليحدها ولا يثرب عليها بالمثلثة: أي لا يوبخها ولا يعيرها، وقيل: لا يبالغ في جلدها حتى يدميها، ويسن للسيد أن يبيع الأمة إذا زنت ثالثة لخبر ورد بذلك، ويجب عليه أن يبين ذلك لمشتريها.
تنبيه: لو كان السيد امرأة هل تقيمه هي أو وليها أو السلطان؟ فيه أوجه. أصحها أولها كما شمله إطلاق المصنف، ويستثنى من إطلاقه السفيه فلا يقيم الحد على رقيقه كما قاله الزركشي لخروجه عن أهلية الاستصلاح والولاية وشمل إطلاقه الحد حد الزنا وباقي الحدود حتى القطع وقتل الردة والمحاربة، وهو الأصح لاطلاق الخبر السابق، ولو كان الرقيق مشتركا حده ملاكه بتوزيع السياط على الملك، ويفوض المنكسر إلى أحدهم أو غيرهم، وفي جواز إقامة الولي من أب وجد وحاكم ووصي وقيم في رقيق المولى عليه من طفل وسفيه ومجنون وجهان قال في أصل الروضة:
ويشبه أن يقال إن قلنا الحد إصلاح فله إقامته، أو ولاية ففيه الخلاف، وقضيته ترجيح الجواز. قال ابن عبد السلام في قواعده: وإنما يقيم السيد الحد على عبده إذا لم يكن بينهما عداوة ظاهرة. قال الزركشي: ويشكل بما إذا كان المقذوف السيد فإنهم أجازوا له استيفاءه (أو) يحده (الإمام) لعموم ولايته فأيهما فعل وقع الموقع، ولكن السيد أولى كما صححه في زيادة الروضة لثبوت الحديث فيه، ولأنه أستر.
تنبيه: العبرة بكونه سيدا حال إقامة الحد، فإذا زنى الرقيق فباعه سيده كان إقامة الحد لمشتريه (فإن تنازعا) أي الإمام والسيد في حد الرقيق (فالأصح) من احتمالات للإمام يحده (الإمام) الأعظم أو نائبه لعموم ولايته. والثاني السيد لغرض إصلاح ملكه. والثالث إن كان جلدا فالسيد، أو قطعا أو قتلا فالإمام.
تنبيه: يستثنى من إطلاقه ما لو زنى ذمي ثم نقض العهد ثم استرق فإن الحد إنما يقيمه عليه الإمام، لأنه لم يكن مملوكا يومئذ. فإن قيل: قد مر أن الرقيق لو زنى ثم باعه سيده كان للمشتري إقامة الحد عليه ولم يكن مملوكا له حال الزنا فالعبر بحالة الاستيفاء. أجيب بأن استيفاء الحد هنا يثبت للإمام أولا، واسترقاقه بعد ثبوته لا يمنع استيفاءه، لأنه لم يثبت لسيده ابتداء، وأما فيما مر فثبت للسيد، وهو للاستصلاح، ولا وجه لإقامة البائع الحد عليه لخروجه عن ملكه فصار الاستيفاء مترددا بين الإمام والمشتري (و) الأصح (أن السيد يغربه) كما يجلده لاندراجه في خبر
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548