مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢١٢
الآدميين قبل الاستعداء من ذي الحق عليه، ولا يحبس ولا يضرب للدين، وينكر على القضاة إن احتجبوا عن الخصوم أو قصروا في النظر في الخصومات، وعلى أئمة المساجد المطروقة إن طولوا الصلاة كما أنكر (ص) على معاذ ذلك، ويمنع الخونة من معاملة النساء لما يخشى فيها من الفساد، وليس له حمل الناس على مذهبه. (و) من فروض الكفايات (إحياء الكعبة) والمواقف التي هناك (كل سنة بالزيارة) مرة، لأن ذلك من شعائر الاسلام.
تنبيه: المراد بالزيارة كل سنة أن يأتي بحج وعمرة، فلا يكفي إحياؤها بالاعتكاف والصلاة، وإن أوهمت عبارته الاكتفاء بذلك ولا بالعمرة كما قاله المصنف، إذ لا يحصل مقصود الحج بذلك، لأن المقصود الأعظم من بناء الكعبة الحج فكان به إحياؤها، فيجب الاتيان كل سنة بحج وعمرة، ولا يشترط في القائمين بهذا الفرض قدر مخصوص:
بل الفرض أن يحجها كل سنة بعض المكلفين، قاله في المجموع. قال الأسنوي: ويتجه اعتباره من عدد يظهر بهم الشعار اه‍. ونوزع في ذلك. فإن قيل: كيف الجمع بين هذا وبين التطوع بالحج، لأن إحياء الكعبة بالحج من فروض الكفايات، فكل وفد يجيئون كل سنة للحج فهم يحيون الكعبة، فمن كان عليه فرض الاسلام حصل بما أتى به سقوط فرضه، ومن لم يكن عليه فرض الاسلام كان قائما بفرض كفاية، فلا يتصور حج التطوع؟ أجيب بأن هنا جهتين من حيثيتين: جهة التطوع من حيث أنه ليس عليه فرض الاسلام، وجهة فرض الكفاية من حيث الامر بإحياء الكعبة، فصح أن يقال هو تطوع من حيث أنه ليس عليه فرض عين، وأن يقال فرض كفاية من حيث الاحياء، وبأن وجوب الاحياء لا يستلزم كون العبادة فرضا، لأن الواجب المعين قد يسقط بالمندوب كاللمعة المغفلة في الوضوء تغسل في الثانية أو الثالثة، والجلوس بين السجدتي بجلسة الاستراحة، وإذا سقط الواجب المعين بفعل المندوب ففرض الكفاية أولى، ولهذا تسقط صلاة الجنازة عن المكلفين بفعل الصبي، ولو قيل يتصور ذلك في العبيد والصبيان والمجانين، لأن فرض الكفاية لا يتوجه إليهم لكان جوابا. (و) من فروض الكفايات (دفع ضرر) المعصومين، ولو عبر به كان أولى (المسلمين) وغيرهم على الموسرين (ككسوة عار) منهم (وإطعام جائع) منهم (إذا لم يندفع) ضررهم (بزكاة و) لا (بيت مال) واقتصر عليهما لأنهما أغلب من غيرهما، وإلا ففي معناهما سهم المصالح ونحوه كوقف عام ونذر وكفارة ووصية صيانة للنفوس.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن المراد بالكسوة ستر ما يحتاج إليه البدن. قال في المهمات: وهو كذلك بلا شك فيختلف الحال بين الشتاء والصيف، وتعبير الروضة يستر العورة معترض، وظاهر كلامه أيضا وجوب دفع الضرر ، وإن لم يبق لنفسه شيئا، لكن الأصح ما في زيادة الروضة عن الإمام أنه يجب على الموسر المواساة بما زاد على كفاية سنة، ومقتضاه أنه لا بوجه فرض الكفاية بمواساة المحتاج على من ليس معه زيادة على كفاية سنة وهو كذلك وإن قال البلقيني: هذا لا يقوله أحد ولا ينافيه ما في الأطعمة من وجوب إطعام المضطر وإن كان يحتاجه في ثاني الحال، فإن هذا في المحتاج غير المضطر وذاك في المضطر، وهل يكفي سد الضرورة أم يجب تمام الكفاية التي يقوم بها من تلزمه النفقة؟
فيه وجهان: مقتضى كلام الرافعي في الأطعمة أن ذلك على القولين فيما إذا وجد المضطر الميتة ترجيح الأول، والأوجه ترجيح الثاني، ولا يلزم من البناء الاتحاد في الترجيح، ويجب أيضا على الموسرين فك أسرى المسلمين من مالهم، ولا يجب على الإمام ابتياعهم من بيت المال كذا في بعض شروح الكتاب. قال بعضهم: ولعله محمول على أسير تعذبه الكفار كما في الروضة في باب الجزية لكن في باب الهدنة أن الفداء مستحب وبهذا الحمل يجمع بين كلامي الروضة أيضا. أما أسارى الذميين ففيهم احتمالان: والأوجه فيهم التفصيل. (و) من فروض الكفايات إعانة القضاة على استيفاء الحقوق للحاجة إليها و (تحمل الشهادة) إن حضر المتحمل المشهود عليه، فإن ادعى الشاهد للتحمل لم يجب عليه إلا أن
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548