مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢١١
باب الحدث في الكلام على الاستنجاء. قال الشارح: وعرف أي المصنف الفروع: أي بالألف واللام دون ما قبله لما ذكره بعده: أي وهو قوله بحيث يصلح للقضاء لئلا يتوهم عوده لما قبله أيضا، وهنا مؤاخذة على المصنف وهي إما أن يكون قوله: والفروع مجرورا بالعطف على تفسير، أو بالعطف على المجرور بالباء، وهو قوله بإقامة. فإن كان الأول اقتضى أن يكون بقي شئ من علوم الشرع لم يذكره ولم يبق شئ، وإن كان الثاني اقتضى أن الفروع ليست من علوم الشرع وليس مرادا، وقد يختار الأول، ويجاب عنه بأن الكاف استقصائية.
فائدة: قال الماوردي: إنما يتوجه فرض الكفاية في العلم على من جمع أربعة شروط: التكليف، وأن يكون ممن يلي القضاء - أي حرا ذكرا لا عبدا وامرأة -، وأن لا يكون بليدا، وأن يقدر على الانقطاع بأن يكون له كفاية ويدخل الفاسق في الفرض، ولا يسقط به لأنه لا تقبل فتواه، وفي دخول المرأة والعبد وجهان: أوجههما الدخول لأنهما أهل للفتوى دون القضاء. (و) من فروض الكفايات (الامر بالمعروف) من واجبات الشرع (والنهي عن المنكر) من محرماته بالاجماع، إذا لم يخف على نفسه أو ماله أو على غيره مفسدة أعظم من مفسدة المنكر الواقع، أو غلب على ظنه أن المرتكب يزيد فيما هو فيه عنادا كما أشار إليه الغزالي في الاحياء كإمامه، ولا يختص بالولاة:
بل يجب على كل مكلف قادر من رجل وامرأة حر أو عبد وللصبي ذلك ويثاب عليه إلا أنه لا يجب عليه، ولا يشترط في الامر بالمعروف العدالة، بل قال الإمام: وعلى متعاطي الكأس أن ينكر على الجلاس، وقال الغزالي: يجب على من غصب امرأة على الزنا أمرها بستر وجهها عنه اه‍. والانكار يكون باليد، فإن عجز فباللسان ويرفق بمن يخاف شره ويستعين عليه فإن لم يخف فتنة، فإن عجز رفع ذلك إلى الوالي، فإن عجز أنكر بقلبه، ولا يشترط فيه أيضا أن يكون مسموع القول، بل على المكلف أن يأمر وينهى، وإن علم بالعادة أنه لا يفيد * (فإن الذكرى تنفع المؤمنين) * ولا أن يكون ممتثلا ما يأمر به مجتنبا ما ينهى عنه، بل عليه أن يأمر وينهى نفسه، فإن اختل أحدهما لم يسقط الآخر، ولا يأمر ولا ينهى في دقائق الأمور إلا عالم، فليس للعوام ذلك، ولا ينكر العالم إلا مجمعا على إنكاره، لا ما اختلف فيه إلا أن يرى الفاعل تحريمه، فإن قيل: قد صرحوا بأن الحنفي يحد بشرب النبيذ مع أن الانكار بالفعل أبلغ منه بالقول. أجيب بأن أدلة عدم تحريم النبيذ واهية، وبهذا فرق بين حدنا الشارب به وعدم حدنا الواطئ في نكاح بلا ولي، وإن ندب على جهة النصيحة إلى الخروج من الخلاف برفق فحسن إن لم يقع في خلاف آخر أو في ترك سنة ثابتة لاتفاق العلماء على استحباب الخروج من الخلاف حينئذ. وليس لكل من الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر التجسس والبحث واقتحام الدور بالظنون، بل إن رأى شيئا غيره، نعم إن أخبره ثقة بمن اختفى بمنكر فيه انتهاك حرمة يفوت تداركها كالزنا والقتل اقتحم له الدار وتجسس وجوبا.
تنبيه: يجب على الإمام أن ينصب محتسبا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإن كانا لا يختصان بالمحتسب فيتعين عليه الامر بصلاة الجمعة إذا اجتمعت شروطها، وكذا بصلاة العيد، وإن قلنا إنها سنة. فإن قيل قال الإمام:
معظم الفقهاء على أن الامر بالمعروف في المستحب مستحب، وهذا مستحب. أجيب بأن محله في غير المحتسب ولا يقاس بالوالي غيره ولهذا لو أمر الإمام بصلاة الاستسقاء أو بصومه صار واجبا، ولا يأمر المخالفين له في المذهب بما لا يجوزونه ولا يناهم عما يرونه فرضا عليهم أو سنة لهم، ويأمر بما يعم نفعه كعمارة سور البلد وشربه ومعونة المحتاجين ويجب ذلك من بيت المال إن كان فيه مال، وإلا فعلى من له قدرة على ذلك، وينهى الموسر عن مطل الغني إن استعداه الغريم عليه، وينهى الرجل عن الوقوف مع المرأة في طريق خال، لأنه موضع ريبة بخلاف ما لو وجده معها في طريق يطرقه الناس، ويأمر النساء بإيفاء العدد، والأولياء بنكاح الأكفاء، والسادة بالرفق بالمماليك، وأصحاب البهائم بتعهدها، وأن لا يستعملوها فيما لا تطيق، وينكر على من تصدى للتدريس والفتوى والوعظ، وليس هو من أهله ويشهر أمره لئلا يغتر به وينكر على من أسر في صلاة جهرية أو زاد في الاذان وعكسهما، ولا ينكر في حقوق
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548