مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢١٦
كان من أهل الدين أو العلم، أو من ولاة العدل فالدعاء له بذلك قربة وإلا فمكروه، وحتى الظهر مكروه، ولا يغتر بكثرة من يفعله. وتقبيل اليد لزهد أو صلاح أو نحوه من الأمور الدينية ككبر سن وشرف وصيانة مستحب، وتقبيلها لدنيا أو ثروة أو نحوها كشوكة ووجاهة مكروه شديد الكراهة، وتقبيل خد طفل لا يشتهى ولو لغيره وتقبيل من أطرافه شفقة ورحمة سنة، ولا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح للتبرك، ويندب القيام للداخل إن كان فيه فضيلة ظاهرة من علم أو صلاح، أو شرف، أو ولادة، أو رحم، أو ولاية مصحوبة بصيانة أو نحوها، ويكون هذا القيام للبر والاكرام والاحترام، لا للرياء والاعظام، ويحرم على الداخل محبة القيام له بأن يقعد ويستمروا قيامه ماله كعادة الجابرة، أما من أحب ذلك إكراما لا على الوجه المذكور فلا يتجه كما قال شيخنا تحريمه، وتندب المصافحة مع بشاشة الوجه والدعاء بالمغفرة وغيرها للتلاقي، ولا أصل للمصافحة بعد صلاتي الصبح والعصر، ولكن لا بأس بها فإنها من جملة المصافحة وقد حث الشارع عليها، وإن قصد بابا لغيره مغلقا ندب أن يسلم على أهله ثم يستأذن، فإن لم يجب إعادة ثلاث مرات فإن أجيب فذاك، وإلا رجع، فإن قيل له بعد استئذانه: من أنت ندب أن يقول: فلان بن فلان أو نحوه مما يحصل به التعريف، ولا بأس أن يكني نفسه، أو يقول القاضي فلان أو الشيخ فلان إذا لم يعرفه المخاطب إلا بذلك، ويكره اقتصاره على قوله: أنا، أو الخادم، وتندب زيارة الصالحين، والجيران غير الأشرار، والاخوان والأقارب وإكرامهم بحيث لا يشق عليه ولا عليهم، ويندب أن يطلب منهم أن يزوروه، وأن يكثروا زيارته بحيث لا يشق، وتندب عيادة المرضى، وأن يضع من جاءه العطاس يده أو ثوبه أو نحوه على وجهه، ويخفف صوته ما أمكن، وأن يحمد الله عقب عطاسه، ثم إن كان في صلاة أسر به أو في حالة بول، أو جماع أو نحوه حمد الله تعالى في نفسه، فإن حمد الله تعالى شمت إلى ثلاث مرات، فإن زاد عليها دعي له بالشفاء ويذكر بالحمد إن تركه، والتشميت للمسلم برحمك الله، أو ربك، ويرد بيهديكم الله، ويغفر الله لكم، وابتداؤه وردة سنة عين إن تعين وإلا فكفاية. وتشميت الكافر بيهديك الله ونحوه، لا بيرحمك الله تعالى، ويندب رد التثاؤب ما استطاع، فإن غلبه ستر فمه بيده أو غيرها، ويندب أن يرحب بالقادم المسلم، وأن يلبي دعاءه. أما الكافر فلا، وأن يخبر أخاه بحبه له في الله، وأن يدعو لمن أحسن إليه ولا بأس بقول الرجل الجليل في علمه أو صلاحه أو نحوه: جعلني الله فداك، أو فداك أبي وأمي. ودلائل ما ذكر من الأحاديث الصحيحة كثيرة مشهورة. ثم شرع في موانع الجهاد فقال: (ولا جهاد) واجب إلا على مسلم أو مرتد كما قاله الزركشي بالغ عاقل ذكر مستطيع له حر ولو سكران واجدا هبة القتال، فلا يجب على كافر ولو ذميا، لأنه يبذل الجزية ليذب عنه لا ليدب عنا، ولا (على صبي ومجنون) لعدم تكليفهما، ولقوله تعالى * (ليس على الضعفاء) * الآية، قيل: هم الصبيان لضعف أبدانهم: وقيل: المجانين لضعف عقولهم، ولان النبي صلى الله عليه وسلم رد جماعة استصغرهم.
وروى الشيخان: أنه صلى الله عليه وسلم رد ابن عمر يوم أحد وأجازه في الخندق، وكذا اتفق ل سعد بن حبتة - بحاء مهملة ثم باء موحدة ثم مثناة فوقية - الأنصاري، ولما رآه النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق يقاتل قتالا شديدا، وهو حديث السن، قال: أسعد الله جد ك اقترب مني، فاقترب منه فمسح رأسه ودعا له بالبركة في ولده ونسله، فكان عما لأربعين، وخالا لأربعين، وجدا لعشرين، كذا ذكره ابن دحية وغيره (و) لا على خنثى، ولا (امرأة) لضعفها، ولقوله تعالى: * (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال) * وإطلاق لفظ المؤمنين ينصرف للرجال دون النساء والخنثى مثلها، وأحسن الحسن بن هانئ في قوله:
وإذا المطي بنا بلغن محمدا فظهورهن على الرجال حرام (و) لا على (مريض) يتعذر قتاله أو تعظم مشقته ولا على أعمى (و) لا (ذي عرج بين) ولو في رجل واحدة، لقوله تعالى * (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) * فلا عبرة بصداع ووجع ضرس وضعف بصر إن كان يدرك شخص ويمكنه اتقاء السلاح، ولا عرج يسير لا يمنع المشي والعدو والهرب (و) لا على (أقطع)
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548