مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢١٨
برهم متعين بخلاف الكافر منهم لا يجب استئذانه. وكذا المنافق كما نص عليه في الام، ولو كان الولد رقيقا اعتبر إذن سيده لا والديه كما قال الماوردي: ويلزم المبعض استئذان الأبوين لما فيه من الحرية والسيد لما فيه من الرق (لا سفر تعلم فرض عين) حيث لم يجد من يعلمه أو توقع زيادة فراغ أو إرشاد فإنه جائز بغير إذنهم كحج تضيق عليه، وكذا إن لم يتضيق على الصحيح (وكذا) سفر تعلم فرض (كفاية) فيجوز أيضا بغير إذنهم (في الأصح) كأن خرج طالبا لدرجة الافتاء، وفي الناحية من يستقل بذلك لأن الحجر على المكلف وحبسه بعيد، والثاني لهما المنع كالجهاد، وفرق الأول بأن الجهاد فيه خطر، فإن لم يكن في الناحية مستقل بالافتاء، ولكن خرج جماعة فليس للأبوين المنع على المذهب لأنه لم يوجد في الحال من يقوم بالمقصود، والخارجون قد لا يظفرون بالمقصود، وإن لم يخرج معه أحد لم يحتج إلى إذن ولا منع لهما قطعا لأنه بالخروج يدفع الاثم عن نفسه كالفرض المتعين عليه، وقيد الرافعي الخارج وحده بالرشيد، وينبغي كما قال الأذرعي: أن لا يكون أمرد جميلا يخشى عليه. قال الماوردي: ولو وجب عليه نفقة أبويه وجب استئذانهما ولو كافرين إلا أن يستنيب من ينفق عليهما من ماله الحاضر، وقضيته كما قال الزركشي: أن يكون الفرع إذا وجبت نفقته كذلك إن كان الفرع أهلا للاذن، وهذا يلغز به، فيقال والد لا يسافر إلا بإذن ولده. قال البلقيني: والقياس أنه لو أداه، أي من ينفق عليه نفقة ذلك اليوم، وسافر في بقيته كان كالمديون بدين مؤجل.
تنبيه: سكت المصنف عن حكم السفر المباح كالتجارة، وحكمه إن كان قصيرا فلا منع منه بحال وإن كان طويلا، فإن غلب الخوف فكالجهاد وإلا جاز على الصحيح بلا استئذان، والوالد الكافر في هذه الاسفار كالمسلم ما عدا الجهاد كما مر. (فإن أذن) لرجل (أبواه والغريم) في جهاد (ثم رجعوا) بعد خروجه وعلم بذلك (وجب) عليه (الرجوع إن لم يحضر الصف) لأن عدم الإذن عذر يمنع وجوب الجهاد، فكذا طربانه كالعمى والمرض، ولو أسلم أصله الكافر بعد خروجه ولم يأذن وعلم الفرع الحال فكالرجوع عن الاذن. ويستثنى من كلامه ما لو خاف على نفسه أو ماله أو خالف انكسار قلوب المسلمين برجوعه، أو خرج مع الإمام بجعل كما قاله الماوردي تبعا للنص فلا يلزمه الرجوع، بل لا يجوز في معظم ذلك، وإن أمكنه الإقامة عند الخوف بموضع في طريقه إلى أن يرجع الجيش فيرجع معهم الرجوع لزمه ذلك، وإن لم يمكنه الإقامة ولا الرجوع فله المضي مع الجيش، لكن يتوقى مظان القتل كما نص عليه في الام (فإن) حضر الصف و (شرع في قتال) بأن التقى الصفان، ثم رجع من ذكر وعلم برجوعه (حرم الانصراف في الأظهر) وعبر في الروضة بالأصح لوجوب المصابرة، لقوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا) * ولان الانصراف يشوش أمر القتال ويكسر القلوب، والثاني لا يحرم، بل يجب الانصراف رعاية لحق الآدمي الذي بناؤه على الضيق. وعلى الأول لا يقف موقف طلب الشهادة، بل في آخر الصفوف يحرس كما قاله القاضي أبو الطيب، وحكي عن نص الشافعي رضي الله تعالى عنه.
تنبيه: لو قال: فإن حضر الصف كما قدرته كان أولى لأن حرمة الانصراف لا تتوقف على القتال حقيقة، بل التقاء الصفين كاف في ذلك كما مر.
فروع: لو خرج بلا إذن وشرع في القتال حرم الانصراف أيضا لما مر. ورجوع العبد إن خرج بلا إذن قبل الشروع في القتال واجب وبعده مندوب، وإنما لم يجب عليه الثبات بعد لأنه ليس من أهل الجهاد، ولو مرض من خرج للجهاد أو عرج عرجا بينا أو تلف زاده أو دابته فله الانصراف ولو من الوقعة إن لم يورث فشلا في المسلمين وإلا حرم عليه انصرافه منها، ولا ينوي المنصرف من الوقعة لمرض ونحوه فرارا، فإن انصرف ثم زال العذر قبل مفارقته دار الحرب لا بعده لزمه الرجوع للجهاد. ومن شرع في صلاة جنازة لزمه الاتمام لأنها في حكم الخصلة الواحدة بخلاف
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548