مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢١٧
يد بكمالها أو معظم أصابعها، بخلاف فاقد الأقل، أو فاقد الأنامل، أو أصابع الرجلين إن أمكنه المشي بغير عرج بين (و) لا على (أشل) يد أو معظم أصابعها، لأن مقصود الجهاد البطش والنكاية وهو مفقود فيهما، لأن كلا منهما لا يتمكن من الضرب (و) لا على (عبد) ولو مبعضا أو مكاتبا، لقوله تعالى * (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله) * ولا مال للعبد ولا نفس يملكها فلم يشمله الخطاب حتى لو أمره سيده لم يلزمه كما قاله الإمام، لأنه ليس من أهل هذا الشأن، وليس القتال من الاستخدام المستحق للسيد، لأن الملك لا يقتضي التعرض للهلاك (و) لا على (عادم أهبة قتال) من نفقة وسلاح، وكذا مركوب إن كان سفر قصر، فإن كان دونه لزمه إن كان قادرا على المشي فاضل ذلك عن مؤنة من تلزمه مؤنته كما في الحج، ولو مرض بعدما خرج أو فني زاده أو هلكت دابته فهو بالخيار بين أن يتصرف أو يمضي، فإن حضر الوقعة جاز له الرجوع على الصحيح إذا لم يمكنه القتال، فإن أمكنه الرمي بالحجارة فالأصح في زوائد الروضة الرمي بها على تناقض وقع له فيه، ولو كان القتال على باب داره أو حوله سقط اعتبار المؤن كما ذكره القاضي أبو الطيب وغيره.
تنبيه: أشعر كلامه باشتراط ملكه الأهبة إلا أن يريد بالعدم عدم الملك والقدرة، ولو بذل لعادم الأهبة ما يحتاج إليه، فإن كان الباذل من بيت المال لزمه وإلا فلا. ثم أشار لضابط يعم ما سبق وغيره بقوله (وكل عذر منع وجوب الحج) كفقد زاد وراحلة (منع الجهاد) أي وجوبه (إلا خوف طريق من كفار) فلا يمنع وجوبه جزما لبناء الجهاد على مصادمة المخاوف (وكذا) خوف (من لصوص المسلمين) لا يمنع وجوبه (على الصحيح) لأن الخوف يحتمل في هذا السفر وقتال اللصوص أهم وأولى، والثاني يمنع كالحج فإنه قد يأنف من قتال المسلمين.
تنبيه: محل الوجوب في الصورتين إذا كان له قوة تقاومهم وإلا فهو معذور. ولما فرغ من موانع الجهاد الحسية شرع في موانعه الشرعية فقال (والدين الحال) على موسر لمسلم أو ذمي (يحرم) بكسر الراء المشددة (سفر جهاد و) سفر (غيره) لأنه متعين عليه أداؤه، والجهاد على الكفاية وفرض العين مقدم على فرض الكفاية، وفي صحيح مسلم: القتل (في سبيل الله) يكفر كل شئ إلا الدين. (إلا بإذن غريمه) وهو رب الدين الجائز الاذن فله منعه من السفر لتوجه المطالبة به والحبس إن امتنع، فإن أذن له لم يحرم. أما غير جائز الاذن كولي المحجور، فلا يأذن لمدين المحجور في السفر وكالمديون وليه كما بحثه بعض المتأخرين لأنه المطالب، ولو استناب الموسر من يقضي دينه من مال حاضر جاز له السفر بغير إذن غريمه بخلاف ما له الغائب فإنه قد لا يصل، وأما المعسر فليس لغريمه منعه على الصحيح في أصل الروضة، إذ لا مطالبة في الحال.
تنبيه: حيث جاهد بالاذن قال الماوردي والروياني: لا يتعرض للشهادة ولا يتقدم أمام الصفوف بل يقف في وسطها وحواشيها ليحفظ الدين بحفظ نفسه. (و) الدين (المؤجل لا) يحرم السفر مطلقا، فلا يمنعه رب الدين وإن قرب الاجل لأنه لا يتوجه عليه الطلب به إلا بعد حلوله وهو الآن مخاطب بفرض الكفاية، وللمستحق الخروج معه إن شاء ليطالبه عند الحلول (وقيل يمنع سفرا مخوفا) كالجهاد وركوب البحر صيانة لحق الغريم (ويحرم) على رجل (جهاد) بسفر وغيره (إلا بإذن أبويه إن كانا مسلمين) لأن الجهاد فرض كفاية وبرهما فرض عين، وفي الصحيحين:
أن رجلا استأذن النبي (ص) في الجهاد. فقال: ألك والدان؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد وفي رواية: ألك والدة؟
قال: نعم، قال: فانطلق إليها فأكرمها فإن الجنة تحت رجليها رواه الحاكم، وقال صحيح. ولو كان الحي أحدهما لم يجز إلا بإذنه وجميع أصوله كذلك، ولو وجد الأقرب منهم وأذن سواء كانوا أحرارا أم أرقاء ذكورا أم إناثا لأن
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548