مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٢٠
حاكيه لقولين: الأجرة موزعة (على) عدد (الرؤوس) لأن العمل في النصيب القليل كالعمل في الكثير. وهذه طريقة ذكرها المراوزة، وطريقة العراقيين الجزم بالأول، قال ابن الرفعة: وهي أصح باتفاق الأصحاب، وصححها في أصل الروضة، إذ قد يكون له سهم من ألف سهم، فلو ألزم نصف الأجرة لربما استوعب قيمة نصيبه، وهذا مدفوع بالمنقول.
واحترزنا بالمأخوذة عن الحصص الأصلية في قسمة التعديل، فإن الأجرة ليست على قدرها، بل على قدر المأخوذ قلة وكثرة، لأن العمل في الكثير أكثر منه في القليل. هذا إن كانت الإجارة صحيحة وإلا فالموزع أجرة المثل.
تنبيه: تجب الأجرة في مال الصبي وإن لم يكن له في القسمة غبطة، لأن الإجابة إليها واجبة والأجرة من المؤن التابعة لها. وعلى الولي طلب القسمة له حيث كان له فيها غبطة وإلا فلا يطلبها، وإن طلبها الشريك أجيب وإن لم يكن للصبي فيها غبطة، وكالصبي المجنون والمحجور عليه بسفه. ولو دعا الشركاء القاسم ولم يسموا له أجرة لم يستحق شيئا، كما لو دفع شخص ثوبه لقصار ولم يسم له أجرة أو الحاكم فله أجرة المثل. ولو استأجر جماعة كاتبا لكتابة صك كانت الأجرة على قدر حصصهم كما جزم به الرافعي آخر الشفعة. (ثم ما) أي المشترك الذي (عظم الضرر في قسمته كجوهرة وثوب نفيسين وزوجي) أي فردي (خف) ومصراعي باب، (إن طلب الشركاء كلهم قسمته لم يجبهم القاضي) إليها جزما، ويمنعهم منها إن بطلت منفعته بالكلية، لأنه سفه. ونازع البلقيني في زوجي خف وقال: لم أجد للرافعي شاهدا من نص الشافعي ولا سلفا في ذلك في الطريقين، فإنه قد ينتفع بفردة الخف كأن يكون أقطع الرجل، وبسط الكلام في ذلك. والأصحاب لا ينظرون إلى هذه الأشياء النادرة. (ولا يمنعهم إن قسموا بأنفسهم إن لم تبطل منفعته) أي المقسوم بالكلية، (كسيف يكسر) لامكان الانتفاع مما صار إليه منه على حاله، أو باتخاذه سكينا ونحو ذلك. ولا يجيبهم إلى ذلك على الأصح لما فيه من إضاعة المال. فإن قيل: هذا مشكل لأنه إن لم يكن حراما لم يمتنع على القاضي ذلك، وإن كان حراما فليس له التمكين منه. أجيب بأن إتلاف المال ممنوع منه ثم جوز لاحد الشريكين رخصة لسوء المشاركة. فإن قيل أيضا: هذا مخالف لما ذكروه في البيع من أنه لا يصح بيع نصف معين من إناء وسيف ونحوهما، وعللوه بأنه غير مقدور على تسليمه شرعا. أجيب بأن شرط بيع المعين أن لا يحصل هناك نقص بسبب تسليمه، وهو لو باعه نصفا شائعا من ذلك جاز، ثم لهم القسمة بعد ذلك لما مر، فلا منافاة بين البابين. (وما يبطل) بقسمته (نفعه المقصود) منه (كحمام وطاحونة صغيرين) طلب بعض الشركاء قسمة ما ذكر وامتنع بعضهم، (لايجاب طالب قسمته) جبرا (في الأصح) لما فيه من الضرر على الآخر، وفي الحديث لا ضرر ولا ضرار في الاسلام رواه مالك وغيره. والثاني: يجاب لأجل ضرر الشركة.
تنبيه: في لفظ صغيرين تغليب الأول المذكر، فإن لفظ الحمام مذكر على الثاني المؤنث، فإن الطاحونة وهي الرحى كما في الصحاح مؤنثة. (فإن أمكن جعله) أي ما ذكر (حمامين) أو طاحونتين، (أجيب) طالب قسمة ذلك وأجبر الممتنع، وإن احتيج إلى إحداث بئر أو مستوقد وتيسر لانتفاء الضرر مع تيسر تدارك ما احتيج إليه من ذلك بأمر قريب. قال الأذرعي: وإنما تيسر ذلك إذا كان ما يلي ذلك مملوكا له أو مواتا، فلو كان ما يليه وقفا أو شارعا أو ملكا لمن لا يسمح ببيع شئ منه فلا، وحينئذ يجزم بنفي الاجبار. ويعلم من هذا أن المراد بقوله المقصود أن ينتفع به من الوجه الذي كان ينتفع به قبلها ولو بإحداث مرافق. فإن قيل: لو باع دارا لا ممر لها مع إمكان تحصيله ببيع أو إجارة لم يصح على الصحيح فهلا كانت القسمة كذلك أجيب بأن شرط المبيع أن يكون منتفعا به في الحال ولم
(٤٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548