مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٢٢
وأما ثواب الجهاد فلمباشره، وللآحاد بذل ذلك من أموالهم، لهم ثواب إعانتهم، وثواب الجهاد لمباشره كما مر، ومحله في المسلم. أما الكافر فلا، بل يرجع فيه إلى رأي الإمام لاحتياجه إلى اجتهاد، لأن الكافر قد يخون.
تنبيه: ما ذكر محله إذا بذل ذلك، لا على أن يكون الغزو للباذل، وإلا لم يجز كما صرح به الروياني وغيره (ولا يصح استئجار مسلم لجهاد) لأنه يقع عنه، وما يأخذه المرتزقة من الفئ، والمتطوعة من الصدقات ليس بأجرة لهم، بل هو مرتبهم وجهادهم وقع منهم، ولو أكره الإمام جماعة على الغزو لم يستحقوا أجرة لوقوع غزوهم لهم.
قال البغوي: هذا إن تعين عليهم، وإلا فلهم الأجرة من الخروج إلى حضور الوقعة. قال الرافعي: وهو حسن فليحمل إطلاقهم عليه.
تنبيه: قد ذكر المصنف هذه المسألة في باب الإجارة، وذكر ههنا توطئا لقوله: (ويصح استئجار ذمي) ومعاهد ومستأمن (للإمام) حيث تجوز الاستعانة بهم ولو بأكثر من سهم لراجل أو فارس، لأنه لا يقع عنه. فأشبه استئجار الدواب واغتفرت الجهالة للضرورة، فإن المقصود القتال، ولان معاقدة الكفار يحتمل فيها ما لا يحتمل في معاقدة المسلمين (قيل: ولغيره) من الآحاد كالاذان، والأصح المنع، لأنه من المصالح العامة لا تتولاها الآحاد، والاذان الأجير فيه مسلم، وهذا كافر لا يؤتمن.
تنبيه: قضية كلامه صحة استئجار الذمي ونحوه بأي مال كان من نفسه، أو من أموال بيت المال، وليس مرادا، بل إنما يعطى من سهم المصالح سواء كان مسمى أو أجرة مثل ولو من غير غنيمة قتاله لا من أصل الغنيمة، ولا من أربعة أخماسها لأنه يحضر للمصلحة لا أنه من أهل الجهاد فإن أسلم انفسخت الإجارة وإن أكرهه الإمام عليه، أو استأجره بمجهول كأن قال: أرضيك أو أعطيك ما تستعين به وقاتل وجب له أجرة المثل بخلاف ما إذا لم يقاتل كنظائره، وإن قهر الكفار على الخروج إلى الجهاد فهربوا قبل وقوعهم في الصف، أو خلي سبيلهم قبله فلهم أجرة الذهاب فقط، وإن تعطلت منافعهم في الرجوع، لأنهم ينصرفون حينئذ كيف شاؤوا ولا حبس ولا استئجار، وإن رضوا بالخروج ولم يعدهم بشئ رضخ لهم من أربعة أخماس الغنيمة كما مر في بابها، وتفارق الأجرة بأنه إذا حضر طامعا بلا مسمى فقد شبه بالمجاهدين فجعل في القسمة معهم، بخلاف ما إذا حضر بأجرة فإنها عوض محض ونظر مقصور عليها فجعلت فيما يختص بيد الإمام وتصرفه ولا يزاحمه فيه الغانمون أما إذا خرجوا بلا إذن من الإمام فلا شئ لهم لأنهم ليسوا من أهل الذب عن الدين بل متهمون بالخيانة والميل إلى أهل دينهم سواء نهاهم عن الخروج أم لا، بل له تعزيرهم فيما نهاهم عنه إن رآه. (ويكره لغاز قتل قريب) له كافر لأن الشفقة قد تحمل على الندامة فيكون ذلك سببا لضعفه عن الجهاد، ولان فيه قطع الرحم المأمور بصلتها وهي كراهة تنزيه وإن اقتضت العلة الثانية أنها كراهة تحريم (و) قتل قريب (محرم) له (أشد) كراهة لأنه (ص) منع أبا بكر يوم أحد من قتل ولده عبد الرحمن ومنع أبا حذيفة من قتل أبيه يوم بدر. (قلت: إلا أن يسمعه) أو يعلم بطريق يجوز له اعتماده أنه (يسب الله) تعالى (أو رسوله (ص) ) بأن يذكره بسوء فلا كراهة حينئذ (والله أعلم) بل ينبغي الاستحباب تقديما لحق الله تعالى وحق رسوله (ص) قال تعالى * (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) * وفي الصحيحين: والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده زاد مسلم: والناس أجمعين. وكذا لا كراهة إذا قصد هو قتله فقتله دفعا عن نفسه (ويحرم) عليه (قتل صبي ومجنون) ومن به رق (وامرأة وخنثى مشكل) للنهي عن قتل الصبيان والنساء في الصحيحين، وألحق المجنون بالصبي، والخنثى بالمرأة لاحتمال أنوثته.
تنبيه: يستثنى من ذلك مسائل: الأول إذا لم يجد المضطر سواهم فله قتلهم وأكلهم على الأصح في زيادة الروضة
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548