مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥٤١
أن يرجع عليها بعد العتق كالمغرور. (ولا تصير أم ولد) لمن وطئها بشبهة (إذا ملكها في الأظهر) لأنها علقت به في غير ملكه فأشبه ما لو علقت به في النكاح. والثاني: تصير، لأنها علقت منه بحر، والعلوق بالحر سبب للحرية بالموت.
تنبيه: محل الخلاف في الحر، أما إذا وطئ العبد جارية غيره بشبهة ثم عتق ثم ملكها فإنها لا تصير أم ولد جزما، لأنه لم ينفصل من حر. ويستثنى من إطلاقه مسائل: منها ما لو أولد السيد أمة مكاتبه فإنه يثبت فيها الاستيلاد. ومنها ما لو أولد الأب الحر أمة ابنه التي لم يستولدها فإنه يثبت فيها الاستيلاد وإن كان الأب معسرا أو كافرا، وإنما لم يختلف الحكم باليسار والاعسار كما في الأمة المشتركة لأن الايلاد هنا إنما ثبت لحرمة الأبوة وشبهة الملك، وهذا المعنى لا يختلف بذلك. ومنها ما لو أولد الشريك الأمة المشتركة إذا كان موسرا كما مر، فإن كان موسرا ثبت الاستيلاد في نصيبه خاصة، وكذا الأمة المشتركة بين فرع الواطئ وأجنبي إذا كان الأصل موسرا. ولو أولد الأب الحر مكاتبة ولده هل ينفذ استيلاده لأن الكتابة تقبل الفسخ أو لا لأن الكتابة لا تقبل النقل؟ وجهان: أوجههما كما جزم به القفال الأول.
ولو أولد أمة ولده المزوجة نفذ إيلاده كإيلاد السيد لها وحرمت على الزوج مدة الحمل.
فرع: جارية بيت المال كجارية الأجنبي فيحد واطؤها، وإن أولدها فلا نسب ولا استيلاد، وإن ملكها بعد، سواء أكان فقيرا أم لا، لأن الاعفاف لا يجب من بيت المال. (وله) أي السيد (وطئ أم الولد) منه بالاجماع، ولحديث: أمهات الأولاد لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن، يستمتع بها سيدها ما دام حيا فإذا مات فهي حرة رواه الدارقطني والبيهقي، وقال ابن القطان: رواته كلهم ثقات. وليس له وطئ بنتها، وعلل ذلك لحرمتها بوطئ أمها.
وهو جرى على الغالب، فإن استدخاله المني الذي يثبت به الاستيلاد كذلك، فإنهم صرحوا في باب ما يحرم من النكاح بثبوت المصاهرة بذلك. ولا وطئ أمة مكاتبة، فإن أحبلها صارت أم ولد كما مر ولزمه قيمتها ولا يحرم عليه وطؤها بعد ذلك لأنه ملكها، قاله في البحر. فإن قيل: لم أفرد في الحديث ضمير الجمع في قوله: يستمتع بها ولم يقل بهن؟
أجيب بأن كلا منهما جائز، إلا أن الأكثر أن يعود للافراد على جمع الكثرة والجمع على جمع القلة، نبه على ذلك الشيخ خالد في إعراب الألفية.
تنبيه: محل جواز الوطئ إذا لم يحصل هناك مانع منه، فمن المانع ما لو أحبل الكافر أمته المسلمة أو أسلمت مستولدته فإنه لا يحل له وطؤها، وقيل: يجبر على إعتاقها في الحال، والأصح يحال بينه وبينها. ومنه المحرمة على المحبل بنسب أو رضاع أو مصاهرة أو أحبلها فإنها تصير أم ولد كما مر، وليس له وطؤها. ومنه ما لو أولد مكاتبته فإنها تصير أم ولدكما مر في باب الكتابة، ويمتنع عليه وطؤها. ومنه أمة المبعض إذا استولدها وقلنا بنفوذ استيلاده كما مر فإنه لا يطؤها ولو بإذن مالكها، خلافا للبلقيني. ومنه لو استولد الحر موطوءة ابنه فإنه يمتنع عليه وطؤها. ومنه الجارية المشتركة بينه وبين أجنبي إذا أحبلها الشريك المعسر أو المشتركة بين فرع الواطئ وأجنبي إذا كان الأصل موسرا كما مر. ومنه الأمة التي لم ينفذ فيها الاستيلاد لرهن وضعي أو شرعي أو جناية فإنه يثبت الاستيلاد فيها بالنسبة للمستولد، ولا يجوز له وطؤها.
فرع: لو شهد اثنان على إقرار سيد الأمة بإيلادها وحكم به ثم رجعا عن شهادتهما لم يغرما شيئا، لأن الملك باق فيها ولا يفوتا إلا سلطنة البيع، ولا قيمة لها بانفرادها. وليس كإباق العبد من يد غاصبه، فإنه في غيره ضمان يد حتى يعود إلى مستحقه، فإن مات السيد غرما للوارث، لأن هذه الشهادة لا تنحط عن الشهادة بتعليق العتق لو شهدا بتعليقه فوجدت الصفة وحكم بعتقه ثم رجعا غرما. (و) له (استخدامها) وولدها (وإجارتها) وولدها، وإعارتهما بطريق الأولى، (وأرش جناية عليها) وعلى ولدها التابع لها وقيمتهما إذا قتلا لبقاء ملكه عليهما. فإن قيل: قد صرح الأصحاب بأنه لا يجوز إجارة الأضحية المعينة، كما لا يجوز بيعها إلحاقا للمنافع بالأعيان، فهلا كان هنا كذلك كما قال به الإمام مالك أجيب بأن الأضحية خرج ملكه عنها بالكلية بخلاف المستولدة.
(٥٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 546 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548