مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥٣٠
بذلك. قال الرافعي: ولو أقام المكاتب بعد ما أفاق بينة أنه كان قد أدى النجوم حكم بعتقه ولا رجوع للسيد عليه لأنه لبس وأنفق على علم بحريته متبرعا. فلو قال نسيت الأداء فهل يقبل ليرجع؟ فيه وجهان، قال الأسنوي وغيره:
الصحيح منهما عدم الرجوع أيضا. (ولا) تنفسخ الكتابة (بالحجر) على المكاتب بسفه، وارتفاع الحجر عنه كإفاقته من الجنون. وكلام المصنف يوهم تعيين القاضي في صحة الأداء، وليس مرادا، فلو أداه المجنون له أو استقل هو بأخذه عتق، لأن قبض النجوم مستحق. ولا تنفسخ (بجنون السيد) ولا بموته، للزومها من جهته، ولا بالحجر عليه بسفه كالرهن. (ويدفع) المكاتب وجوبا النجوم (إلى وليه) إذا جن، وإلى وارثه إذا مات، لأنه نائب عنه شرعا. (ولا يعتق بالدفع إليه) أي السيد المجنون، لأن قبضه فاسد، وللمكاتب استرداده، لأنه باق على ملكه، فإن تلف في يده لم يضمنه لتقصيره بالدفع إليه. ثم إن لم يكن بيد المكاتب شئ آخر يؤديه فللولي تعجيزه، ولا ينفسخ بإغماء السيد، ولا المكاتب. (ولو قتل) المكاتب (سيده) عمدا (فلوارثه قصاص) كجناية عمد غيره. (فإن عفا) عنه (على دية، أو قتل) سيده (خطأ أخذها) أي الدية (مما معه) حصلت قبل الجناية أو بعدها، لأن السيد مع المكاتب في المعاملات كالأجنبي مع الأجنبي فكذلك في الجناية.
تنبيه: ظاهر كلامه وجوب الدية بالغة ما بلغت، سواء كانت مثل قيمة العبد أو أكثر، والذي في الشرح والروضة هل يجب تمام الأرش أو أقل الأمرين من قيمته وأرش الجناية؟ فيه القولان في الجناية على الأجنبي، وقضيته أن الراجح وجوب الأقل. ورجح البلقيني وجوب الدية مطلقا كما اقتضاه كلام الكتاب وحكاه عن نص الام والمختصر، وقال: القواعد تأبى الأول وبسط ذلك، وهذا هو الظاهر، وجرى عليه شيخنا في شرح منهجه، وسيأتي الفرق بين هذا وبين الجناية على الأجنبي. ومحل الخلاف ما لم يعتقه السيد بعد الجناية فإن أعتقه بعدها وفي يده وفاء وجب أرش الجناية على المذهب المقطوع به. (فإن لم يكن) في يده مال أو كان ولم يف بالأرش، (فله) أي وارث سيده (تعجيزه في الأصح) المنصوص دفعا للضرر عنه، لأنه إذا عجز مورق سقط عنه الأرش فلا يطالب به بعد العتق. والثاني: لا يعجزه، لأنه إذا عجز سقط مال الجناية، فلا فائدة للتعجيز. ودفع بأنه يستفيد به الرد إلى الرق المحض. (أو قطع) المكاتب (طرفه) أي سيده، (فاقتصاصه والدية) للطرف (كما سبق) في قتله سيده، وقد مر ما فيه.
تنبيه: جنايته على طرف ابن سيده كجنايته على أجنبي، فإن قبله فللسيد القصاص، فإن عفى على مال أو كان القتل غير عمد فكجنايته على السيد. (ولو قتل) المكاتب (أجنبيا أو قطعه) عمدا (فعفي) بضم العين بخطه، أي عفا المستحق (على مال، أو كان) قتله للأجنبي (خطأ) أو شبه عمد، (أخذه) المستحق (مما معه) الآن (ومما سيكسبه) بعد (الأقل من قيمته والأرش) لأنه يملك تعجيز نفسه، وإذا عجزها فلا يتعلق بسوى الرقبة، قال ابن شهبة: والفرق بين هذه وبين جنايته على سيده على ما في الكتاب أن حق السيد متعلق بذمته دون رقبته لأنها ملكه، وإذا كانت في ذمته وجب جميع الأرش مما في يده كدين المعاملة، بخلاف جنايته على الأجنبي.
تنبيه: في إطلاق الأرش على دية النفس تغليب فلا يطالب بأكثر مما ذكر ولا يفدي به نفسه إلا بإذن سيده ويفدى نفسه بالأقل بلا إذن. وقوله: مما سيكسبه ليس هو في الروضة ولم يذكره المصنف في جنايته على سيده. قال ابن شهبة: فيحتاج إلى الفرق بينهما على ما في الكتاب اه‍. والظاهر أنه لا فرق، لكنه سكت عنه هناك وصرح به هنا،
(٥٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548