مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥٤٠
بحرمانه كقتل الوارث المورث، ويثبت عليها القصاص بشرطه. وأما الدية فيظهر وجوبها أيضا لأن تمام الفعل حصل وهي حرة، ويؤخذ من ذلك أنها لو قتلت سيدها المبعض عمدا أنه يجب عليها القصاص لأنها حال الجناية رقيقة، والقصاص يعتبر حال الجناية، والدية بالزهوق.
تنبيه: قد علم مما تقرر ما في كلام المصنف من الاجحاف، وأنه لو عبر بحبلت كان أولى. ويستثنى من عتقها بموت السيد مسائل: منها ما إذا تعلق بها حق الغير من رهن أو أرش جناية ثم استولدها وهو معسر ثم مات مفلسا فإنها لا تعتق بموته، وقد ذكر المصنف حكم ذلك في محله، لكن الاستثناء من إطلاقه هنا. ولو رهن جارية ثم مات عن أب فاستولدها الأب، قال القفال: لا تصير أم ولد، أي إذا كان معسرا لأنه خليفته فنزل منزلته. ومنها جارية التركة التي تعلق بها حق دين إذا استولدها الوارث لم ينفذ استيلاده إذا كان معسرا. ومنها الجارية التي نذر مالكها التصدق بها أو بثمنها لا ينفذ استيلاده لها لسبق حق النذر، ذكره البلقينيي تخريجا مما إذا نذر قبل الحول التصدق بالنصاب أو ببعضه ومضى الحول قبل التصدق به، وفيه طريقان أحدهما القطع بعدم وجوب الزكاة والثاني تخريجه على الخلاف في أن الدين هل يمنع وجوب الزكاة اه‍. قال ابن شهبة: واستثناء هذه الصورة من كلام المصنف عجيب وتخريجها مما ذكر أعجب، فإن الجارية في الصورة المذكورة خرجت عن ملكه بمجرد النذر كما هو مذكور في باب الأضحية، وعبارة الروضة: أو نذر أن يتصدق بمال فعينه زال ملكه عنه، وهذا ظاهر فيما إذا نذر أن يتصدق بها، وأما إذا نذر أن يتصدق بثمنها فإنها لم تخرج عن ملكه لكن يلزمه بيعها والتصدق بثمنها ولا ينفذ استيلاده فيها. ومنها ما إذا أوصى بعتق جارية تخرج من الثلث فالملك فيها للوارث، ومع ذلك لو استولدها قبل إعتاقها لم ينفذ لافضائه إلى إبطال الوصية، قاله البلقيني أيضا، وقال: لم أر من تعرض لذلك، وقياسه كما قال بعض المتأخرين المشتراة بشرط العتق إذا مات قبله فأولدها الوارث لم ينفذ والولد حر ولا يلزمه قيمته ولا مهرها منه. ومنها الصبي الذي استكمل تسع سنين إذا وطئ أمته فولدت لأكثر من ستة أشهر لحقه ولد، قالوا: لكن لا يحكم ببلوغه وثبوت استيلاد أمته، فعلى كلامهم تستثنى هذه الصورة، وعلى ما قلناه لا استثناء اه‍. والمعتمد الاستثناء. (أو) أحبل (أمة غيره) بزنا أو (بنكاح) لا غرور فيه بحرية، (فالولد) الحاصل بذلك (رقيق) بالاجماع، لأنه يتبع الام في الرق والحرية. أما إذا غر بحرية أمة فنكحها وأولدها فالولد حر كما ذكراه في باب الخيار والاعفاف. (ولا تصير أم ولد) لمن أحبلها (إذا ملكها) لانتفاء العلوق بحر في ملكه، وكذا الحكم فيما لو ملكها وهي حامل من نكاحه، لكن يعتق عليه الولد ويثبت له الولاء عليه بخلاف ولد المالك فإنه ينعقد حرا. وتظهر الفائدة في العقل، فإن المولي يعقل بخلاف الأب ولو نكح حر جارية أجنبي ثم ملكها ابنه أو تزوج عبد جارية ابنه ثم عتق لم ينفسخ النكاح، لأن الأصل في النكاح الثابت الدوام، فلو استولدها الأب ولو بعد عتقه في الثانية وملك ابنه لها في الأولى لم ينفذ استيلادها لأنه رضي برق ولده حين نكحها ولان النكاح حاصل محقق فيكون واطئا بالنكاح لا بشبهة الملك بخلاف ما إذا لم يكن نكاح. وهذا ما جرى عليه الشيخان في باب النكاح، وهو المعتمد، لأن المكاتب لو ملك زوجة سيده الأمة انفسخ نكاحه فإذا أحبلها السيد بعد ذلك صارت أم ولد كما يعلم مما سيأتي.
(أو) أحبل أمة غيره (بشبهة) منه كأن ظنها أمته أو زوجته الحرة كما قيده في المحرر، (فالولد حر) لظنه وعليه قيمته لسيدها. أما إذا ظنها زوجته الأمة فالولد رقيق. ولو تزوج بحرة وأمة بشرطه فوطئ الأمة ظنها الحرة فالأشبه أن الولد حر كما في أمة الغير يظنها زوجته الحرة.
تنبيه: أطلق المصنف الشبهة، ومقتضى تعليلهم شبهة الفاعل فتخرج شبهة الطريق، وهي الجهة التي أباح الوطئ بها عالم فلا يكون الولد بها حرا، وكذا لو أكره على وطئ أمة الغير كما قاله الزركشي. وفي فتاوى البغوي: لو استدخلت الأمة ذكر حر نائم فعلقت منه فالولد حر لأنه ليس بزنا من جهته ويجب قيمة الولد عليه ويحتمل
(٥٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548