مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٧١
في الذبح.
تنبيه: إنما لم يجب قطع الودجين لأنهما قد يسلان من الحيوان فيبقى، وما هذا شأنه لا يشترط قطعه كسائر العروق، ولا يسن قطع ما وراء ذلك. (ولو ذبحه) أي الحيوان المقدور عليه (من قفاه) أو من صحفة عنقه (عصى) بذلك لما فيه من التعذيب (فإن أسرع) في ذلك (فقطع الحلقوم والمرئ، وبه حياة مستقرة) أول قطعهما (حل) لأن الذكاة صادفته وهو حي، كما لو قطع يد الحيوان تم ذكاه (وإلا) بأن لم يسرع قطعهما ولم يكن فيه حياة مستقرة بل انتهى إلى حركة مذبوح (فلا) يحل، لأنه صار ميتة فلا يفيده الذبح بعد ذلك.
تنبيه: لو ذبح شخص حيوانا وأخرج آخر أمعاءه أو نخس خاصرته معا لم يحل لأن التذفيف لم يتمحض بقطع الحلقوم والمرئ. وقال في أصل الروضة: سواء أكان ما قطع به الحلقوم مما يذفف لو انفرد أو كان يعين على التذفيف ولو اقترن قطع الحلقوم بقطع رقبة الشاة من قفاها بأن أجرى سكينا من القفا وسكينا من الحلقوم حتى التقيا فهي ميتة كما صرح به في أصل الروضة، لأن التذفيف إنما حصل بذبحين خلاف ما يوهمه كلام المتن من الحل، فقضية كلامه أنه لا بد من قطع جميع الحلقوم والمرئ وفيه حياة مستقرة، وليس بشرط، بل يكفي وجودها عند ابتداء قطع المرئ، لأن أقصى ما وقع التعبد به أن يكون فيه حياة مستقرة عند الابتداء بقطع المذبح، ولا يشترط العلم بوجود الحياة المستقرة عند الذبح، بل يكفي الظن بوجودها بقرينة، ولو عرفت بشدة الحركة أو انفجار الدم، ومحل ذلك ما لم يتقدمه ما يحال عليه الهلاك، فلو وصل بجرح إلى حركة المذبوح وفيه شدة الحركة، ثم ذبح لم يحل. وحاصله أن الحياة المستقرة عند الذبح، بل يكفي الظن بوجودها بقرينة، ولو عرفت بشدة الحركة أو انفجار الدم، ومحل ذلك ما لم يتقدمه ما يحال عليه الهلاك، فلو وصل بجرح إلى حركة المذبوح وفيه شدة الحركة، ثم ذبح لم يحل. وحاصله أن الحياة المستقرة عند الذبح تارة تتيقن، وتارة تظن بعلامات وقرائن، فإن شككنا في استقرارها حرم للشك في المبيح وتغليبا للتحريم، فإن مرض أو جاع فذبحه، وقد صار آخر رمق حل لأنه لو يوجد سبب يحال الهلاك عليه، ولو مرض بأكل نبات مضر حتى صار آخر رمق كان سببا يحال الهلاك عليه فلم يحل كما جزم به القاضي مرة وهو أحد احتماليه في مرة أخرى، وإن جرى بعض المتأخرين على خلاف ذلك ولا يشترط في الذكاة قطع الجلد الذي فوق الحلقوم والمرئ كما يؤخذ من قوله (وكذا إدخال سكين بأذن ثعلب) ليقطع الحلقوم والمرئ داخل الجلد لأجل جلده فإنه حرام للتعذيب. ثم إن أسرع بقطع الحلقوم والمرئ داخل الجلد وبه حياة مستقرة حل، وإلا فلا.
تنبيه: الثعلب مثال لا قيد، فلو فعل ذلك بغيره كان الحكم كذلك. (ويسن نحو إبل) في اللبة، وهي أسفل العنق كما مر، لقوله تعالى: * (فصل لربك وانحر) * وللامر به في الصحيحين، والمعنى فيه أنه أسرع لخروج الروح لطول عنقها وقياس هذا كما قال ابن الرفعة: أن يأتي في كل ما طال عنقه كالنعام والإوز والبط ويسن (ذبح بقر وغنم) ونحوهما كخيل بقطع الحلقوم والمرئ الكائنين أعلى العنق للاتباع، رواه الشيخان وغيرهما (ويجوز) بلا كراهة كما في أصل الروضة (عكسه) وهو ذبح إبل ونحوها ونحر بقر وغنم ونحوهما لعدم ورود نهى فيه (و) يسن (أن يكون) نحر (البعير قائما) على ثلاث (معقول) بالتنوين بخطه (الركبة) وهي اليسرى كما في المجموع لقوله تعالى: * (فاذكروا اسم الله عليها صواف) * قال ابن عباس: أي قياما على ثلاث رواه الحاكم وصححه.
قال الشاعر:
ألف الصفوف فلا يزال كأنه مما يقوم على الثلاث كسيرا فإن لم يكن قائما فباركا، والنحر الطعن بما له حد في المنحر، وهو الوهدة التي في أعلى الصدر، وأصل العنق.
تنبيه: كلام المصنف يفهم أن إيجاب قطع الحلقوم والمرئ واستحباب قطع الودجين مخصوص بالذبح وليس
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548