مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٦٣
(شرط رد مسلمة تأتينا منهم) وإن أسلمت عندنا، لقوله تعالى * (فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار) * ولأنه لا يؤمن أن يصيبها زوجها الكافر أو تزوج بكافر، ولأنها عاجزة عن الهرب منهم وقريبه من الافتتان لنقصان عقلها وقلة معرفتها.
تنبيه: لا فرق في ذلك بين الحرة والأمة، وبحث بعض المتأخرين أن الخنثى كالمرأة، ولو أسقط المصنف تأتينا لكان أولى، لأن حكم من جاءت إلينا كافرة، ثم أسلمت كذلك كما قدرته في كلامه. (فإن شرط) في عقد الهدنة رد المرأة المذكورة (فسد الشرط) قطعا، سواء أكان لها عشيرة أم لا، لأنه أحل حراما (وكذا العقد في الأصح) المنصوص في الام لفساد الشرط، والثاني لا، لأنها ليست بآكد من النكاح وهو لا يفسد بالشروط الفاسدة.
تنبيه: قال ابن شهبة: هذا هو الخلاف المار في قوله: وكذا شرط فاسد على الصحيح إلا أنه ضعفه هناك فكرر وناقض. وسلمت الروضة من هذا فإنه عبر أولا، بالصحيح، ثم أحال ثانيا عليه اه‍. وأجاب عن ذلك الشارح فقال: وأشار به - أي بالتعبير بالأصح - إلى قوة الخلاف في هذه الصورة، وعبر في صور تقدمت بالصحيح إشارة إلى ضعف الخلاف فيها، فلا تكرار ولا تحالف اه‍. وخرج بالمسلمة الكافرة، فيجور شرط ردها. (وإن شرط) الإمام أو نائبه في عقد الهدنة لهم (رد من جاء) منهم (مسلما) إلينا (أو) عقد، وأطلق بأن (لم يذكر ردا) ولا عدمه (فجاءت امرأة) مسلمة (لم يجب دفع مهر) بارتفاع نكاحها بإسلامها قبل الدخول أو بعده (إلى زوجها في الأظهر) لأن البضع ليس بمال حتى يشمله الأمان، والثاني يجب على الإمام، لقوله تعالى * (وآتوهم ما أنفقوا) *: أي من المهور، والامر فيه محتمل للوجوب وللندب الصادق بعدم الوجوب الموافق للأصل، ورجحوه على الوجوب لما قام عندهم في ذلك، وأما غرمه (ص) المهر، فلانه كان قد شرط لهم رد من جاءتنا مسلمة. ثم نسخ ذلك بقوله تعالى * (فلا ترجعوهن إلى الكفار) * (1) فغرم حينئذ لامتناع ردها بعد شرطه.
تنبيه: إنما يستحق المهر إذا أوجبناه بتسع شروط جمعها الماوردي، وهي مفرقة في كلام الرافعي: أحدها أن يكون الطالب زوجها، وقد أشار إليه المصنف بقوله إلى زوجها. الثاني أن يكون ساق إليها مهرها. الثالث أن تكون جاءت مسلمة، أو جاءت ذمية ثم أسلمت. الرابع أن تكون بالغة عاقلة. الخامس أن تكون باقية الحياة، فلو ماتت قبل طلبه فلا. السادس أن تكون باقية في العدة، فلو كان بعد انقضائها لم يدفع إليه شئ قطعا، ذكره الرافعي بحثا، ونقله البلقيني عن نص الام. السابع أن تكون مقيمة على الاسلام، وأن يكون الزوج مقيما على دينه ليكون المانع منها. الثامن أن يكون مقيما على النكاح، فلو خالعنا بعد الطلب لم يسقط حقه على ذلك القول.
التاسع أن تكون جاءت إلى بلد فيه الإمام أو نائبه، وإلا فعلى أهل البلد منعها حسبة، ولا يغرمون المهر ولا الإمام، نص عليه في الام، واحترز المصنف بقوله ولم يذكر ردا عما إذا شرط ترك الرد، فإنه لا غرم قطعا. (ولا يرد) من جاء منهم إلينا وهو (صبي) وصف الاسلام ذكرا كان أو أنثى، طلبه أبواه الكافران أم لا (و) لا يرد من جاء منهم إلينا وهو (مجنون) بالغ ذكرا كان أو أنثى، طرأ جنونه بعد بلوغه، مشركا أم لا لضعفهما كالنساء، ولا يجوز الصلح بشرط ردهما. فإن قيل: قد رجحا في باب اللقيط أن الحيلولة بين الصبي إذا أسلم وبين أهله مستحبة لا واجبة. أجيب بأن الكلام هناك محمول على ما إذا كانوا في دارنا، والكلام هنا في جواز رده إلى الكفر، فإنهم يتمكنون من استمالته ورده إلى الكفر، بخلاف ما إذا كانوا مقيمين عندنا، فإنهم لا يتمكنون من ذلك، فإن بلغ الصبي وأفاق المجنون ثم وصفا الكفر ردا، وكذا إن لم يصفا شيئا كما بحثه بعض المتأخرين، وإن وصفا الاسلام لم يردا كما لو كان الجنون بعد الاسلام، أو وقع الاسلام بعد الإفاقة من الجنون، ولو شككنا في أنه أسلم قبل جنونه أو بعده لم يرد أيضا
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548