مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥٢٢
الوصايا، وإن أوصى بأكثر من الواجب فالزائد من الوصايا. وأفهم كلام المصنف أن السيد لو أبرأ الرقيق عن جميع النجوم أنه لا يجب الايتاء، وهو الأصح كما اقتضاه كلامهما في الصداق لزوال مال الكتابة، وكذا لو وهبها له كما قاله الزركشي. واستثنى المحاملي وغيره صورتين لا يلزم الايتاء فيهما: أن يكاتبه على منفعة نفسه، أو يكاتبه في مرض موته، ولا يحتمل الثلث أكثر من قيمته، وكذا لو باعه نفسه أو أعتقه بعوض. وإذا لم يبق من النجوم إلا القدر الواجب في الايتاء لا يسقط ولا يحصل التعارض، لأن الأصح أن الحط أصل فللسيد أن يؤتيه من غيره، وليس للسيد تعجيزه كما سيأتي في الفصل الآتي لأن له عليه مثله، لكن يرفعه إلى الحاكم حتى يرى رأيه ويفصل الامر بينهما. (والحط) عن المكاتب (أولى) من الدفع إليه، فإنه المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم قولا وفعلا، ولان المقصود إعانته ليعتق، والإعانة في الحط محققة وفي الدفع موهومة، فإنه قد ينفق المال في جهة أخرى.
تنبيه: قضية كلامه أن الواجب أحد الامرين، وليس أحدهما بدلا عن الآخر، وهو وجه الأصح المنصوص في الام أن الحط أصل والايتاء بدل عنه. (و) الحط أو الدفع (في النجم الأخير أليق) لأنه أقرب إلى العتق، وقد روى مالك في الموطأ عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كاتب عبدا على خمسة وثلاثين ألفا ووضع منها خمسة آلاف، وذلك من آخر نجمه. (والأصح أنه يكفي ما يقع عليه الاسم) من المال، (ولا يختلف بحسب المال) قلة وكثرة، لأنه لم يرد فيه تقدير، وهذا ما نقلاه عن نص الام، وعبارة الروضة: أقل متمول وهو المراد من عبارة الكتاب، قال البلقيني: إن هذا من المعضلات، فإن إتيان فلس لمن كوتب على ألف درهم تبعد إرادته بالآية الكريمة. وأطال في ذلك. ونقل الزركشي عن إسحاق بن راهويه أنه قال: أجمع أهل التأويل في قوله تعالى: * (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) * أنها ربع الكتابة، ويمكن حمل هذا على الندب كما سيأتي. والثاني: لا يكفي ما ذكر ويختلف بحسب المال، فيجب ما يليق بالحال، فإن لم يتفقا على شئ قدره الحاكم باجتهاده.
تنبيه: لو كاتب شريكان مثلا عبدا لزم كلا منهما ما يلزم المنفرد بالكتابة كما بحثه بعض المتأخرين. (و) الأصح (أن وقت وجوبه) أي الحط أو الدفع (قيل العتق) ليستعين به عليه، ولأنه معان بمالين: زكاة وإيتاء، فلما كانت الزكاة قبل العتق فكذلك الايتاء. والثاني: بعده لينتفع به. وعلى الأول إنما يتعين في النجم الأخير، ويجوز من أول عقد الكتابة لأنها سبب الوجوب كما تقول: الفطرة تجب بغروب شمس ليلة العيد، ووقت الجواز من أول رمضان لأنه سبب الوجوب، هذا ما صرح به ابن الصباغ. وقيل: يجب بالعتق وجوبا موسعا ويتضيق عند العتق، وبهذا صرح في التهذيب. وقيل: إنه يتضيق إذا بقي من النجم الأخير القدر الذي يحمله أو يؤتيه إياه. وعبارة المصنف صادقة بكل من ذلك، وعلى كل لو أخر عن العتق أثم وكان قضاء، فقول الروضة: ويجوز بعد الأداء والعتق لكن يكون قضاء فيه تسمح. (ويستحب الربع) أي حط قدر ربع مال الكتابة إن سمح به السيد، (وإلا فالسبع) روى حط الربع النسائي وغيره عن علي رضي الله عنه، وروي عنه رفعه إلى النبي (ص)، وروى حط السبع مالك عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما. قال البلقيني: بقي بينهما حط السدس، رواه البيهقي عن أبي سعيد مولى أبي أسيد.
(ويحرم) على السيد (وطئ مكاتبته) كتابة صحيحة لاختلال ملكه فيها بدليل خروج اكتسابها عنه وإن لم يقطع ملكه عنها كالطلاق الرجعي، ولو شرط في الكتابة أن يطأها فسد العقد خلافا ل مالك حيث يصح العقد ويلغو الشرط.
(ولا حد) على السيد (فيه) أي وطئ مكاتبته وإن علم التحريم لشبهة الملك، لكن يعذر عند العلم بالتحريم على الصحيح، وكذا هي.
تنبيه: اقتصار المصنف على الوطئ قد يفهم جواز ما عدا الاستمتاع، وليس مرادا، فقد قال في زوائد الروضة
(٥٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548