مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٩
والقط عرضا كقط القلم، وليس مرادا هنا. (فالقصاص على القاتل) في الأولى لحديث: إذا أمسك الرجل الرجل حتى جاء آخر فقتله قتل القاتل وحبس الممسك رواه الدارقطني، وصحح ابن القطان رفعه، وقاسه الشافعي على ممسك المرأة للزنا يحد الزاني دونه، وكما لا قصاص لا دية بل يعزر لأنه آثم، ولهذا قال في الحديث: يحبس. نعم لو كان المقتول رقيقا كان للمالك مطالبة الممسك باليد والقرار على القاتل، بخلاف ما لو أمسك المحرم صيدا فقتله حلال وهو في يد المحرم فالضمان على المحرم. وفرقوا بأنه ثم ضمان يد وهنا ضمان إتلاف، وجعلوا سلب القتيل للقاتل الممسك لاندفاع شر الكافر بهما.
تنبيه: شرط المسألة المذكورة في المتن أن يكون القاتل مكلفا، فلو أمسكه وعرضه لمجنون أو سبع ضار فقتله، فالقصاص على الممسك قطعا كما قاله ابن الرفعة لأنه يعد قاتلا عرفا. ويرد على المصنف ما لو وضع صغيرا على هدف بعد الرمي لا قبله فأصابه سهم الرامي فإن القصاص على المقدم لأنه المباشر فهو كالمردي دون الرامي لأنه كالحافر، بخلاف ما لو وضعه قبل الرمي، فإن القصاص على الرامي لأنه المباشر. (و) على (المردي) في الثانية تقديما للمباشرة، لأن الحفر شرط ولا أثر له مع المباشرة تنبيه: كلامه قد يفهم تعلق القصاص بالحافر لو انفرد، وليس مرادا لأن الحفر شرط، والشرط لا يتعلق به قصاص كما مر، ومعلوم أنه لا بد لوجود القصاص من كون التردية يحصل منها القتل غالبا كما قدرته في كلامه. (و) على (القاد) في الثالثة الملتزم للأحكام لأن فعله قطع أثر السبب، ولا شئ على الملقي وإن عرف الحال أو كان القاد ممن لا يضمن كحربي. نعم لو كان القاد مجنونا ضاربا فالقصاص على الملقي كما قاله الإمام. وقوله: (فقط) أي دون الممسك والحافر والملقي على ما تقرر. (ولو ألقاه في ماء مغرق) لا يمكنه الخلاص منه كلجة البحر، (فالتقمه حوت) ولو قبل الوصول إلى الماء، (وجب القصاص في الأظهر) لأنه هلك بسببه، ولا نظر إلى جهة الهلاك كما لو ألقاه في بئر مهلكة في أسفلها سكين لم يعلم بها الملقي فهلك بها. والثاني. وهو من تخريج الربيع في صورة الالقاء من شاهق: تجب الدية، لأن الهلاك من غير الوجه الذي قصد فانتهض شبهة في نفي القصاص، والأصحاب بين راد له ومضعف.
تنبيه: محل الخلاف ما لم يرفع الحوت رأسه ويلقمه، وإلا وجب القصاص قطعا. ومحله أيضا إذا لم يعلم بالحوت الذي في اللجة، فإن علم به وجب القود قطعا كما لو ألقاه على أسد في زريبته كما قال صاحب المعين أنه الذي أفهمه كلام الأصحاب. (أو غير مغرق) فالتقمه حوت ولم يعلم به الملقي، (فلا) قصاص قطعا لأنه لم يقصد إهلاكه ولم يشعر بسبب الاهلاك، كما لو دفعه دفعا خفيفا فوقع على سكين فمات ولم يعلم بها الدافع، ويجب في الصورتين دية شبه عمد .
تنبيه: قضية التعليل أنه إذا علم أن هناك حوتا يجب القود، وهو ما صرح به في الوسيط، كما لو علم السكين. ثم شرع في الضرب الثالث، وهو السبب الحسي، فقال: (ولو أكرهه على قتل) لشخص بغير حق فقتله، (فعليه) أي المكره بكسر الراء (القصاص) لأنه أهلكه بما يقصد به الاهلاك غالبا، فأشبه ما لو رماه بسهم فقتله. (وكذا) يجب القصاص على (المكره) أيضا بفتحها، (في الأظهر) لأنه قتله عمدا عدوانا لاستبقاء نفسه، فأشبه ما لو قتله المضطر ليأكله، بل أولى لأن المضطر على يقين من التلف إن لم يأكل بخلاف المكره. والثاني: لا قصاص عليه، لحديث رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ولأنه آلة للمكره فصار كما لو ضربه به. وقيل: لا قصاص على المكره - بكسر الراء - لأنه متسبب، بل على المكره - بفتحها - فقط لأنه مباشر، والمباشرة مقدمة.
تنبيهات: الأول: إطلاقه يقتضي أنه لا فرق في جريان الخلاف بين كون المكره الإمام أو غيره، وهو الصحيح.
ولكن محله فيما إذا كان المكره عليه غير نبي، أما إذا كان نبيا فيجب على المكره - بفتح الراء - القصاص قطعا كما دل عليه كلامهم في المضطر. والثاني: لم يبين المصنف ما يحصل به الاكراه اكتفاء بما ذكره في الطلاق، ولكن نقل الرافعي
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548