مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤
صرح بها لخروجها عن الضابط أو أنها تقتل غالبا في هذا المحل الذي غرزت فيه.
تنبيه: ما جزم به المصنف من قصد تعيين الشخص في العمد موافق للروضة هنا ولما سيأتي في موجبات الدية، فلو قصد إصابة أحد رجلين فأصاب واحدا منهما يجب عليه القصاص. ولا يخالف هذين الموضعين ما رجحه قبل الديات من زوائده من وجوب القصاص فيمن رمى شخصا أو جمعا وقصد إصابة أي واحد منهم فأصاب واحدا، لأن أي للعموم فكأن كل شخص مقصود بخلاف ما إذا قصد واحدا لا بعينه فلا يكون عمدا، فما في الزوائد هو المعتمد وإن خالف في ذلك البلقيني والأسنوي وغيرهما. ويشترط أيضا مع قصد الشخص أن يعرف أنه إنسان كما قاله البلقيني، فلو رمى شخصا اعتقده نخلة فكان إنسانا لم يكن عمدا على الصحيح، وبه قطع الشيخ أبو محمد، وأورد على المصنف ما إذا قصد الفعل والشخص بما يقتل غالبا بجهة حكم، ثم بان الخلل في مستنده ولم يقصر الحاكم، كما إذا قبله بشهادة من بانا بعد القتل رقيقين، إذ الراجح وجوب الدية مخففة. وما إذا رمى حربي أو مرتد فأسلم، ثم أصابه السهم إذ هو خطأ، وعلى النص أنها حالة في مال الجاني. وما إذا كان وكيلا في استيفاء القصاص ثم عفا عن الجاني أو عزل ولم يعلم الوكيل ذلك واستوفى القصاص تجب دية مغلظة حالة على الوكيل. وقد يقال إنما سقط القصاص في هذه الصور لعوارض. (فإن فقد قصد) هما أو فقد قصد (أحدهما) أي الفعل أو الشخص، (بأن وقع عليه فمات) هذا كما قال الرافعي مثال للأولى، فكان ينبغي للمصنف أن يزيدها. وأما مثال الثانية فهو قوله: (أو رمى شجرة) أو نحو ذلك كدابة فأصابه فمات، أو رمى آدميا فأصاب غيره فمات، (فخطأ) لعدم قصد عين الشخص.
تنبيه: يوزع المصنف في تصوير قصد الشخص دون الفعل فإنه متعذر، قيل: ويمكن تصويره بما إذا قصد ضربه بصفح السيف فأخطأ وأصاب بحده فهذا لم يقصد الفعل بالحد مع أنه قصد الشخص، وبما لو توعده إمام ظالم وهدد فمات بذلك فهذا قصد الشخص بالكلام ولم يقصد الفعل الواقع به لعدم صدوره إذ ذاك منه. ونوزع في المثال أيضا بأن من وقع على شخص لا ينسب إليه فعل أصلا فضلا عن كونه خطأ، لأن الخطأ على مقتضى تقسيم المصنف الفعل المزهق لا بد فيه من فعل. وقد يعتذر عنه كما قاله بعض شراح الكتاب بأن المثال المذكور مما يعطى حكم الخطأ وليس بخطأ، أو أن الوقوع فيه منسوب إلى الشخص الواقع فيصدق عليه حينئذ الفعل المقسم. وعبارة المحرر ظاهرة في المراد حيث قال: الفعل المزهق إن وجد والشخص غير قاصد للفعل بأن صاح على صبي فمات أو غير قاصد لمن أصابه كما إذا رمى شجرة فأصاب إنسانا فهذا خطأ، فظهر من كلامه أن المعتبر في الخطأ أحد أمرين: أن لا يقصد أصل الفعل أو يقصده دون الشخص. (وإن قصدهما) أي الفعل والشخص، (بما) أي شئ له مدخل في الاهلاك (لا يقتل غالبا) عدوانا، فمات، (فشبه عمد) سمي بذلك لأنه أشبه العمد في القصد، ويسمى أيضا خطأ عمد وعمد خطأ وخطأ شبه عمد.
(ومنه الضرب بسوط أو عصا) للحديث المار، لكن بشروط أن يكونا خفيفين، وأن يوالي بين الضربات، وأن لا يكون الضرب في مقتل أو المضروب صغيرا أو ضعيفا، وأن لا يكون حر أو برد معين على الهلاك، وأن لا يشتد الألم ويبقى إلى الموت. فإن كان فيه شئ من ذلك فهو عمد لأنه يقتل غالبا كما في الشرح والروضة. ومثل العصا المذكورة الحجر الخفيف وكف مقبوضة الأصابع لمن يحمل الضرب بذلك واحتمل موته به.
تنبيه: يرد على طرده التعزير ونحوه، فإنه قصد الفعل والشخص بما لا يقتل غالبا، وليس بشبه عمد بل خطأ، وعلى عكسه ما لو قال الشاهدان الراجعان: لم نعلم أنه يقتل بقولنا، وكانا ممن يخفى عليهما ذلك، فحكمه حكم شبه العمد مع وجود قصد الشخص والفعل بما يقتل غالبا. (فلو غرز إبرة بمقتل) بفتح المثناة الفوقية: واحد المقاتل وهي المواضع التي إذا أصيبت قتلت، كعين ودماغ وأصل أذن وحلق وثغرة نحر وخاصرة وأخدع بالدال المهملة وهو عرق العنق، وإحليل وأنثيين، ومثانة، بالمثلثة بعد الميم: مستقر البول من الآدمي، وعجان، وهو بكسر العين المهملة: ما بين الخصية والدبر،
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548