مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٦٠
بالايضاح، ولو رفع الجاني الحاجز في الصورة الأولى بينهما أو تأكل قبل الاندمال عاد الارشان إلى واحد على الأصح وكان كما لو أوضح في الابتداء موضحة واسعة، ولو أدخل الحديدة ونفذها من إحداهما إلى الأخرى في الداخل ثم سلها ففي تعدد الموضحة وجهان أقربهما عدم التعدد، ولو كثرت الموضحات تعدد الأرش بحسبها ولا ضبط، وقيل: لا يجب أكثر من دية النفس كما قيل به فيما لو استوعب الأسنان قلعا. الثاني من أسباب التعدد ما ذكر بقوله: ولو انقسمت موضحته عمدا أو خطأ أو شبه عمد أو قصاصا وعدوانا فموضحتان على الصحيح كما سيأتي لاختلاف الحكم. الثالث من أسباب التعدد ما ذكره بقوله: (أو شملت) بكسر الميم في الأفصح (رأسا ووجها فموضحتان) على الصحيح لاختلاف المحل فقوله: فموضحتان راجع لكل من المسألتين، وكذا قوله: (وقيل موضحة) نظرا للصورة.
تنبيه: نصب عمدا وخطأ: إما على نزع الخافض أو على المفعول المطلق نيابة عن المصدر: أي موضحة عمدا أو خطأ. واحترز بقوله رأسا ووجها عن شمولها رأسا وقفا فيلزمه مع موضحة الرأس حكومة القفا، وعن شمولها الجبهة والوجه فالمذهب الاتحاد، وقد يوهم كلامه شمول الموضحة لكل من الرأس والوجه مع أنه ليس بقيد، فإن الحكم كذلك لو أوضح بعض الرأس وبعض الوجه (ولو وسع) الجاني (موضحته) مع اتحاد الحكم (فواحدة على الصحيح) كما لو أوضح أولا كذلك، والثاني وهو احتمال للإمام لا وجه منقول ثنتان لأن التوسعة إيضاح ثان، أما مع اختلاف الحكم فتعدد كما علم من قوله: ولو انقسمت موضحته عمدا وخطأ. الرابع من أسباب التعدد ما ذكره بقوله : (أو غيره فثنتان) لأن فعل الانسان لا ينبني على فعل غيره كما لو قطع يد رجل وحز آخر رقبته، فإن على كل منهما جنايته، نعم لو كان الموسع مأمورا للموضح أولا وكان غير مميز فالأوجه عدم التعدد لأنه كالآلة وإن لم يصرحوا به هنا.
تنبيه: قوله أو غيره يجوز فيه الرفع أي وسعها غيره وهو ما في المحرر. ونقل عن خط المصنف أنه ضبطه بالفتح والكسر، فالكسر عطف على الضمير المجرور في موضحته: أي وسع موضحة غيره فحذف وبقي المضاف إليه على حاله وهو ماش على ما اختاره شيخه ابن مالك تبعا للكوفيين من أنه لا يحتاج في العطف على مجرور إعادة الجار خلافا للبصريين والفتح على حذف المضاف وإعطاء إعرابه المضاف إليه كقوله تعالى * (واسئل القرية) * أي أهلها.
فرع: لو اشترك اثنان في موضحة وعفا على مال هل يلزم كل واحد أرش كامل أو عليهما أرش واحد كما لو اشتركا في قتل النفس، فإن عليهما دية واحدة؟ وجهان: أوجههما الأول كما جرى عليه صاحب الأنوار، ويتفرع على ذلك ما لو أوضحا موضحتين مشتركين فيهما ثم رفع أحدهما الحاجز قبل الاندمال، فإن الموضحة تتحد في حقه، فإن قلنا بالتعدد فعلى الرافع أرش كامل وعلى غيره أرشان، وإن قلنا بعدمه لزم الرافع نصف أرش ولزم صاحبه أرش كامل وجرى على هذا ابن المقري (والجائفة كموضحة في) الاتحاد وفي (التعدد) المتقدم صورة وحكما ومحلا وفاعلا وفي رفع الحاجز بين الجائفتين. نعم يشترط في وجوب أرش الجائفة على من وسع جائفة غيره أن يوسع الظاهر والباطن بخلاف الموضحة في ذلك، فلو أدخل سكينا في جائفة غيره ولم يقطع شيئا فلا ضمان ويعزر، وإن زاد في غورها وكان قد ظهر عضو باطن كالكبد فغور السكين فيه فعليه الحكومة، وإن قطع شيئا من الظاهر دون الباطن أو بالعكس فعليه حكومة، وإن قطع من جانب بعض الظاهر ومن جانب بعض الباطن ففي التتمة أنه ينظر في ثخانة اللحم والجلد ويقسط أرش الجناية على المقطوع من الجانبين، وقد يقتضي التقسيط تمام الأرش بأن يقطع نصف الظاهر من جانب ونصف الباطن من جانب وأقره الشيخان (ولو) طعنه بآلة طعنة (نفذت في بطن وخرجت من ظهر) أو عكسه أو نفذت من جنب وخرجت من جنب (فجائفتان في الأصح) المنصوص في الام اعتبارا للخارجة بالداخلة، وقد قضى أبو بكر رضي الله تعالى عنه في رجل رمى رجلا بسهم فأنفذه بثلثي الدية، وقضى به عمر رضي الله تعالى عنه،
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548