مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٣٣
فروع: المداومة على ترك السنن الراتبة ومستحبات الصلاة تقدح في الشهادة لتهاون مرتكبها بالدين وإشعاره بقلة مبالاته بالمهمات، ومحل هذا كما قال الأذرعي في الحاضر، أما من يديم السفر كالملاح والمكاري وبعض التجار فلا.
ويقدح في الشهادة مداومة منادمته مستحل النبيذ والسفهاء، وكذا كثرة شربه إياه معهم لاخلال ذلك بالمروءة، ولا يقدح فيها السؤال للحاجة وإن طاف مكثره بالأبواب إن لم يقدر على كسب مباح يكفيه لحل المسألة حينئذ، إلا أن أكثر الكذب في دعوى الحاجة أو أخذ ما لا يحل له أخذه فيقدح في شهادته. نعم إن كان المأخوذ في الثانية قليلا اعتبر التكرار كما مر نظيره. ولما قدم المصنف من شروط الشاهد كونه غير متهم بتهمة ترد شهادته بينها بقوله: (والتهمة) بمثناة فوقية مضمومة بخطه في الشخص، (أن يجر إليه) بشهادته (نفعا أو يدفع عنه) بها (ضررا) وبما تقرر اندفع ما قيل إن كلامه أشعر بعود ضمير إليه للشاهد، فيصير التقدير: أن يجر الشاهد إلى الشاهد، وفيه قلاقة، وأيضا فالنفع ينجر للمسمى لا للاسم، فلو قال أن يجر إلى نفسه أو يدفع عنها كان أولى اه‍. ثم أشار المصنف لصور من جر النفع بما تضمنه قوله: (فترد شهادته لعبده) سواء أكان مأذونا له كما في المحرر أو لا كما شمله إطلاقه، لأن ما يشهد به فهو له. (ومكاتبه) لأن له في ماله علقة، لأنه بصدد العود إليه بعجز أو تعجيز. نعم لو شهد بشراء شقص لمشتريه وفيه شفعة لمكاتبه قبلت، نبه عليه الزركشي. (وغريم له ميت) وإن لم تستغرق تركته الديون. (أو عليه حجر فلس) لأنه إذا أثبت للغريم شيئا أثبت لنفسه المطالبة به. وألحق الماوردي بذلك إذا كان زوجها معسرا بنفقتها شهدت له بدين، وتقبل لغريمه الموسر وكذا المعسر قبل الحجر والموت تعلق الحق بذمته بخلافه بعد الحجر أو الموت، لأنه يحكم بماله لغرمائه حال الشهادة.
وخرج بحجر الفلس حجر السفه والمرض ونحوهما. نعم لو شهد غريم المرتد بمال لم تقبل شهادته، لأن حاله أشد من المفلس وقريب من الميت. (و) ترد شهادته أيضا (بما هو) ولي أو وصي أو (وكيل فيه) ولو بدون جعل، لأنه يثبت لنفسه سلطنة التصرف في المشهود به.
تنبيه: يلحق بمن ذكر شهادة الوديع للمودع والمرتهن للراهن لاقتضائها دوام يدهما. وقد يفهم كلامه القبول فيما إذا عزل نفسه وشهد، ولكن محله ما لم يخاصم، فإن خاصم ثم عزل نفسه لم يقبل. وأفهم كلامه لغيره القطع بقبول شهادة الوكيل لموكله بما ليس وكيلا فيه، ولكن حكى الماوردي فيه وجهين، وأصحهما الصحة. ولو عبر بقوله فيما هو وكيل فيه كما فعله في المحرر وأصل الروضة كان أولى ليتناول من وكل في شئ بخصومة أو تعاطى عقدا فيه أو حفظه أو نحو ذلك، فإنه لا تقبل شهادته لموكله في ذلك، لأنه يجر لنفسه نفعا باستيفاء ماله في ذلك من التصرف. وإن لم يشهد بنفس ما وكل فيه. (و) ترد شهادته (ببراءة من ضمنه) بأداء أو إبراء، لأنه يدفع بها الغرم عن نفسه.
تنبيه: في معنى ذلك من ضمنه عبده أو مكاتبه أو غريمه الميت أو المحجور عليه بفلس، ومن ضمنه أصله وفرعه. (و) ترد شهادة وارث عند الشهادة (بجراحة مورثه) قبل اندمالها كما صرح به في المتن في باب القسامة، لأنه لو مات كان الأرش له، وليس مورثه أصله وفرعه، فإن لم يكن وارثا له عند الشهادة لحجب مثلا قبلت، ولا يضر زوال الحجب وارثه بعد الحكم. (ولو شهد لمورث له) غير أصله وفرعه (مريض) مرض موت (أو جريح بمال قبل الاندمال قبلت) شهادته (في الأصح). والثاني: قال: لا كالجراحة للتهمة. وفرق الأول بأن الجراحة سبب للموت الناقل للحق إليه بخلاف المال وبعد الاندمال يقبل قطعا لانتفاء التهمة. نعم لو مات المورث قبل الحكم لم يحكم، قاله الماوردي. ولما فرغ من الشهادة الجالبة للنفع شرع في الدافعة للضرر، فقال: (وترد شهادة عاقلة بفسق شهود قتل) يحملونه من خطأ أو شبه عمد بخلاف شهود إقرار بذلك أو شهود عمد. فإن قيل: هذه المسألة تقدمت في باب دعوى الدم والقسامة فما فائدة ذكرها هنا؟ أجيب بأنه أطلق هناك ما يجب تقييده في موضعين: أحدهما رد جراحة المورث
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548