مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٤٢
(وولد المرتد إن انعقد قبلها) أي الردة (أو) انعقد (بعدها) أي فيها (وأحد أبويه مسلم فمسلم) ذلك الولد بالتبعة للمسلم تغليبا للاسلام (أو) وأبواه (مرتدان فمسلم) أيضا لبقاء علقة الاسلام فيهما ولم يصدر منه كفر، وهذا ما رجحه المحرر تبعا لجمع، وعليه لا يسترق (وفي قول) هو (مرتد) تبعا لهما، وعلى هذا لا يسترق في أصح الوجهين كما لا يسترق أبواه، ولا يقتل حتى يبلغ ويستتاب، فإن أصر قتل (وفي قول) هو (كافر أصلي) لتولده بين كافرين ولم يباشر الردة حتى يغلظ عليه (قلت: الأظهر) هو (مرتد) إذا لم يكن في أصول أبويه مسلم (ونقل العراقيون) القاضي الحسين وابن الصباغ والبندنيجي وغيرهم (الاتفاق على كفره، والله أعلم) فإن كان في أصول أبويه مسلم فهو مسلم تبعا له كما مر ذلك في باب اللقيط.
تنبيه: ما ادعاه من نقل الاتفاق اعتمد فيه قول القاضي أبي الطيب أنه لا خلاف فيه كما قاله في الروضة، واعترض بأن الصيمري شيخ الماوردي من كبارهم، وقد جزم بأنه مسلم، ولم يحك ابن المنذر عن الشافعي غيره، وقال البلقيني:
إن نصوص الشافعي قاضية به، وأطال في بيانه وذكر نحوه الزركشي، وفي تعبير المصنف بمرتد وكافر أصلي تسمح، والأولى أن يقال فهو على حكم الكفر، وسكت الأصحاب هنا عما لو أشكل علوقه هل قبل الردة أو بعدها والظاهر كما قال الدميري أنه على الأقوال، لأن الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمان، ويدل له كلامهم في الوصية للحمل، وأولاد المبتدعة من المسلمين إذا كفرناهم الظاهر كما قاله الدميري أيضا أنهم مسلمون ما لم يعتقدوا بعد بلوغهم كفرا، لأنهم ولدوا على الاسلام، واعتقاد الأب لا يسري إلى الولد، وقد تقدم في اللقيط حكم أطفال أولاد المشركين.
(وفي زوال ملكه) أي المرتد (عن ماله) الحاصل قبلها أو فيها بنحو اصطياد (بها) أي الردة (أقوال: أظهرها) الوقف كبضع زوجته سواء التحق بدار الحرب أم لا فعليه (ان هلك مرتدا بأن زواله بها) أي الردة فما ملكه فئ وما تملكه من احتطاب ونحوه باق على الإباحة (وإن أسلم بان أنه لم يزل) لأن بطلان أعماله تتوقف على هلاكه على الردة فكذا زوال ملكه. والثاني يزول بنفس الردة لزوال العصمة بردته فماله أولى. والثالث لا يزول، لأن الكفر لا ينافي الملك كالكافر الأصلي (و) يتفرع (على) هذه (الأقوال) أنه (يقضى منه) أ مال المرتد (دين لزمه قبلها) بإتلاف أو غيره، لأنا إن قلنا ببقاء ملكه أو موقوف فواضح، وإن قلنا بزواله فهي لا تزيد على الموت، والدين يقدم على حق الورثة، فكذا على حق الفئ، وإذا مات على الردة وعليه دين وفي، ثم إن بقي شئ صرف لبيت المال، وهل ينتقل جميعه لبيت المال فيئا متعلقا به الدين كما تنتقل التركة للورثة كذلك أو لا ينتقل للفئ إلا الفاضل عن الدين؟
القياس الأول وإن كان ظاهر كلام مختصر التبريزي الثاني.
تنبيه: هل يصير محجورا عليه بنفس الردة أم لا بد من ضرب القاضي؟ فيه وجهان. وقيل قولان. قال ابن النقيب: أصحهما الثاني، وجزم به جماعة. وقال الماوردي: إن الجمهور عليه، ولكن مقتضى كلام الشيخين الأول، وهو الظاهر، وعلى الثاني هل هو كحجر الفلس، أو السفه، أو المرض؟. فيه أوجه: أصحها أولها (وينفق عليه) أي المرتد زمن استتابته (منه) أي ماله، وتجعل حاجته للنفقة كحاجة الميت إلى التجهيز بعد زوال الملك بالموت (والأصح يلزمه غرم إتلافه) مال غيره (فيها) أي الردة حتى لو ارتد جمع وامتنعوا عن الإمام ولم يصل إليهم إلا بقتال، فما أتلفوا في القتال إذا أسلموا ضمنوه على الأظهر كما مرت الإشارة إليه في الباب الذي قبل هذا وإن صحح في البيان عدم الضمان (و) الأصح يلزمه (نفقة زوجات وقف نكاحهن وقريب) لأنها حقوق متعلقة به
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548