مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١١٧
(في قتل الخطأ، أو) قتل (شبه العمد دية على العاقلة) مخففة في الأول مغلظة في الثاني لقيام الحجة بذلك كما لو قامت به بينة. فإن قيل كان المصنف مستغنيا عن هذا بما قدمه في فصل العاقلة. أجيب بأنه إنما ذكره هنا لئلا يتوهم أن القسامة ليست كالبينة في ذلك كما أنها ليست كالبينة في العمد فإنه لا يجب بها القصاص بل دية كما قال: (وفي) قتل (العمد) دية حالة (على المقسم عليه) ولا قصاص في الجديد، لخبر البخاري: إما أن تدوا صاحبكم أو تأذنوا بحرب وأطلق (ص) إيجاب الدية ولم يفصل، ولو صلحت الايمان للقصاص لذكره، ولان القسامة حجة ضعيفة فلا توجب القصاص احتياطا لأمر الدماء كالشاهد واليمين (وفي القديم) عليه (قصاص) حيث يجب لو قامت بينة به لخبر الصحيحين أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم: أي دم قاتل صاحبكم ولأنها حجة يثبت بها العمد بالاتفاق فيثبت بها القصاص كشهادة الرجلين. وأجاب في الجديد عن الحديث بأن التقدير بدل دم صاحبكم، وعبر بالدم عن الدية لأنهم يأخذونها بسبب الدم، وعن التعليل بانتقاضه بما إذا ثبتت السرقة برجل وامرأتين فإنه يثبت المال دون القطع، واحترز عما لو حلف المدعي عند نكول المدعى عليه وكان القتل عمدا فإنه يثبت القود لأنها كالافرار أو كالبينة، والقود يثبت بكل منهما. (ولو ادعى) قتلا (عمدا بلوث) أي معه (على ثلاثة حضر أحدهم) فإن اعترف بالقتل اقتص منه، وإن أنكر (أقسم عليه خمسين وأخذ) منه (ثلث الدية) من ماله على الجديد، وله أن يقتص منه على القديم (فإن حضر آخر) واعترف اقتص منه، وإن أنكر (أقسم عليه خمسين) في الأظهر كالأول، لأن الايمان السابقة لم تتناوله وأخذ منه ثلث الدية (وفي قول) يقسم (خمسا وعشرين) كما لو حضرا معا، وقوله (إن لم يكن ذكره) أي الغائب (في الايمان) التي حلفها للحاضر قيد لا قسم للقول المرجوح كما توهمه عبارة المصنف (وإلا) بأن كان ذكره فيها (فينبغي) كما بحثه المحرر (الاكتفاء بها) ولا يحلف (بناء على صحة القسامة في غيبة المدعى عليه، وهو الأصح) كإقامة البينة، ووجه مقابله ضعف القسامة.
تنبيه: قضية كلام المصنف أن هذا التقييد منقول الأصحاب، وليس مرادا، وإنما هو بحث للرافعي كما قدرته، وسكت عن حكم الثالث إذا حضر، هو كالثاني فيما مر فيه: ثم ذكر ضابط من يحلف في القسامة في قوله (و) كل (من استحق بدل الدم) من سيد أو وارث (أقسم) سواء كان مسلما أم كافرا عدلا أم فاسقا محجورا عليه أم غيره (ولو) هو (مكاتب لقتل عبده) لأنه المستحق لبدله، ولا يقسم سيده بخلاف العبد المأذون له في التجارة إذا قتل العبد الذي تحت يده فإن السيد يقسم دون المأذون لأنه لا حق له، ولو عجز المكاتب بعدما أقسم أخذ السيد القيمة كما لو مات الولي بعدما أقسم، أو قبله وقبل نكوله حلف السيد، أو بعده فلا لبطلان الحق بالنكول كما حكاه الإمام عن الأصحاب، وما ذكره عن نص المختصر، وجرى عليه الماوردي وغيره من أن السيد يحلف محمول على هذا التفصيل.
تنبيه: احترز بمن استحق الخ عما لو جرح شخص مسلما فارتد ومات فإنه لا يثبت لوليه القسامة لأنه لا يستحق بدلها، بل هو فئ للمسلمين، وبقولنا من سيد أو وارث من مسألة المستولدة السابقة، وهي ما لو أوصى السيد لمستولدته بقيمة عبده المقتول، فإن الوصية تصح، فإذا مات السيد قبل القسامة، فإن المستولدة تستحق القيمة، ومع ذلك لا تقسم بل الوارث لأن العبد يوم القتل كان للسيد، والقسامة من الحقوق المعلقة بالقتل فيرثها كسائر الحقوق وإذا ثبتت القيمة صرفها إلى المستولدة بموجب وصيته وتحقيق مراده كأنه يقضي دينه. (ومن ارتد) بعد استحقاقه
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548